بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 أيلول 2021 12:01ص البنك الدولي أكثر اهتماماً من الدولة اللبنانية بإعادة بناء مرفأ بيروت؟!

حجم الخط
مسلسل الكوارث الذي حلَّ بمرفأ بيروت بدءا من تراجع الحركة وتقلص الواردات بسبب الأزمة الاقتصادية والجائحة الوبائية، الى التفجير المروع في ٤ آب، أضيف إليه الآن مشكلة انقطاع التيار الكهربائي وتوقف المولدات وارتفاع أسعار البنزين التي أدّت الى صعوبة توجه عدد كبير من الموظفين والعمال الى مراكز عملهم، والى شحّ المازوت الذي أدّى الى توقف العمل في محطة الحاويات التي إذا لم يؤمّن لها التيار الكهربائي ٢٤ ساعة على ٢٤ ساعة تعرّض مخزون المواد الغذائية والأدوية للضرر أو للتلف ما يؤدي الى مخاطر عالية على الأمن الغذائي وعلى السلع المشحونة في الحاويات المبرّدة للسفن الراسية والى خسائر اقتصادية بملايين الدولارات. ومع ذلك فإن تحذيرات الغرفة الدولية للملاحة لم تلقَ آذانا صاغية لدى حكومة تصريف الأعمال الراحلة التي توقفت فترة طويلة حتى عن تصريف الأعمال رغم كل الهوامش التي كانت مسموحة لها في الحالات العادية، فكيف في حالات الطوارئ القصوى التي في طليعتها ضرورة الحرص على استمرار العمل في مرفق حيوي مثل مرفأ بيروت الذي يعتبر دعامة للأمن الاقتصادي اللبناني وشريان الحياة لثلاثة أرباع تجارة لبنان مع العالم الخارجي.

وآخر الإحصاءات عن حركة المرفأ تشير الى تراجع الواردات خلال الـ٥ أشهر من هذا العام الى 43,1 مليون دولار مقابل 45,8 مليون دولار عن الفترة نفسها من العام ٢٠٢٠ لأسباب عدة في طليعتها ارتفاع عجز الميزان التجاري الذي يعكس حالة الاستيرادات التي تراجعت خلال الفصل الأول من هذا العام بنحو ٤ ملايين دولار الى 3,33 مليار دولار، وتراجع قيمة الصادرات بـ٢١٥ مليون دولار الى نحو ٧ ملايين دولار! وشمل هذا التراجع انخفاض في شهر حزيران ٢٠٢١ لقيمة الاعتمادات المستندية (التي تعتبر القياس لحركة التبادل التجاري مع لبنان) بنسبة نحو ٤% الى نحو ٨ ملايين دولار مقارنة مع 8,36 مليون دولار في أيار ٢٠٢١.

وعلى صعيد تراكمي تراجعت القيمة الاجمالية للاعتمادات المستندية المفتوحة خلال النصف الأول من هذا العام بنسبة 72,61% سنويا الى 123,38 مليون دولار مقابل 450,41 مليون دولار خلال النصف الأول من العام ٢٠٢٠ بسبب تردد المصارف في تجديد أو فتح اعتمادات مستندية جديدة للشركات والأفراد نتيجة نقص السيولة بالعملة الأجنبية وعدم اجراء إصلاحات لمعالجة التردي في الأوضاع الاقتصادية وإستعادة عامل الثقة لاستقطاب الرساميل والاستثمارات ولتغذية المصارف بالسيولة بالعملة الأجنبية. بل ان ما حصل كان العكس حيث أدّى قرار الامتناع عن دفع استحقاقات «اليوروبوندز» الى المزيد من فقدان الثقة والى توقف كامل لحركة الودائع باتجاه لبنان والى تراجع الحركة التجارية سواء في اعتمادات الاستيراد بنسبة 90,98% على أساس سنوي الى 26,46 مليون دولار خلال الـ٦ أشهر من هذا العام مقابل 293,53 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، إضافة الى تقلص اعتمادات التصدير بنسبة 50,92% على أساس سنوي الى 61,69 مليون دولار لغاية حزيران هذا العام مقابل 125,70 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي. مع الملاحظة أن التراجع في حركة المرفأ كان ملفتا بشكل خاص بانخفاض عدد السيارات الجديدة المستوردة خلال ٧ أشهر من هذا العام الى ٢٤٢٣ سيارة فقط مقابل ٣٩٩٨ سيارة خلال الفترة نفسها من العام ٢٠٢٠ ومقارنة بـ٢٢١٤٤ سيارة خلال الفترة نفسها من العام ٢٠١٦ ما أثّر سلبا على نشاط مرفأ بيروت. وأسباب هذا التراجع متعددة منها انهيار القوة الشرائية لرواتب وأجور موظفي القطاعين العام والخاص الذين يشكّلون عادة الشرائح الأكبر من مشتري السيارات لا سيما بصيغة التقسيط الذي كان القطاع المصرفي يسهّله لهم ولشركات السيارات. وقد توقفت هذه الصيغة تقريبا وانحسر معها النشاط المصرفي بشكل ملحوظ بـ٧ مليارات دولار خلال نصف هذا العام مع انخفاض القروض المصرفية خلال الفترة نفسها بـ4,3 مليار دولار استتباعا لانخفاض 4,9 مليار دولار في حجم الودائع، الى الحد الذي لا يمكن أن تفصل عنه أزمة المرفأ الشديدة الصلة بالأزمات الاقتصادية والمالية والنقدية بشكل عام.

يشار الى انه مقابل الإهمال وضيق الأفق واللامسؤولية وغياب الدراسات والمقترحات لدى السلطة اللبنانية تجاه التدهور في أحوال مرفأ بيروت، كان هناك اهتمام ملفت من قبل البنك الدولي لإعادة بناء هذا المرفق الحيوي على شكل أفضل، وذلك في دراسة أعدّها البنك بالتعاون مع الوكالة الفرنسية للتنمية عن «إصلاح وإعادة بناء الموانئ في لبنان» تناولت إضافة الى الركائز الأساسية للإصلاح والمعوقات المزمنة التي ينبغي التغلب عليها، اقتراح خطة لاعتماد «الرقمنة الشاملة» في كل أعمال المرفأ تؤدي الى آثار إيجابية على الاقتصاد اللبناني لجهة تقليص تكاليف المعاملات التجارية والاجراءت البيروقراطية والمزيد من مشاركة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في التجارة الدولية.