28 تموز 2021 12:01ص التحذير الدولي عن إنهيار شبكة المياه: «كل شيء حي» عرضة للموت في لبنان!

حجم الخط
والآن الى الآتي الأعظم. فبعد الخبز والدواء والبنزين، جاء الآن دور نقص المياه في مسلسل التقتير و«التعتير» الذي يعيشه اللبناني على طريق جلجلة اقتصادية معيشية يعاني منها في عهد اكتملت فيه مصائب الفقر والعوز والبطالة والجوع بشكل لم يعرف لبنان له مثيلا منذ المسغبة الكبرى في الحرب العالمية الأولى، ودون أي دليل على نهاية مسلسل عذاب طويل.

فبعد اضطرار اللبناني للجوء الى شركات المولدات الخاصة لإنقاذه من فشل الدولة في تزويده بالكهرباء ودفع جزء كبير من دخله اليومي عن بدل الاشتراك المتزايد باستمرار مع ارتفاع سعر صرف الدولار والنقص المتواصل في مادة المازوت، بات مضطرا لتخصيص ميزانية إضافية لشراء المياه الصالحة للشرب حسب التقرير الأخير للأمم المتحدة الذي حذّر بأن شبكة المياه العامة في لبنان معرّضة للانهيار «خلال شهر»!! وبأن ٣ ملايين لبناني، إضافة الى مليون لاجيء، معرّضون «لخطر إمكانية الحصول على المياه الصالحة للشرب»!! وان معظم محطات ضخ المياه في لبنان معرّضة للتوقف خلال ٤ الى ٦ أسابيع!!

أما لماذا حددت الأمم المتحدة عدد الأشخاص المعرّضين لهذا الخطر المائي الداهم بـ٤ ملايين شخص، فلأن هذه الشريحة الكبرى هي التي باتت في خانة الفقر والعوز والبطالة والجوع من مجموع عدد السكان وتعيش حاليا محنة الظلام والتعتيم وستضاف إليها قريبا مصيبة العطش، كونها عاجزة عن دفع ثمن المياه الصحية السليمة بقدر ما هي عاجزة عن دفع اشتراك مولد الكهرباء وأثمان الحاجيات الأخرى المرتفعة من الغذاء والبنزين والدواء. وأما ما يتوافر لديها من ٨٠ ألف بئر مرخصة وغير مرخصة في لبنان فالكثير منها مياه مجارير!! لا تخضع لأي رقابة صحية وبيئية، فيما العمل متوقف في تصليح أو تحديث الشبكات التي باتت في أوضاع رثّة معرّضة للانهيار كما في تقرير الأمم المتحدة، ووسط تعثر خطة مجلس الوزراء ٢٠١٢ - ٢٠١٥ للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي التي دون تنفيذ وتضمنت «تحسين تغطية المياه وضمان استمرارية امداداتها لكل أنحاء لبنان من خلال زيادة سعة التخزين والحد من الهدر والتسرب في شبكات الامداد وتوسيع شبكة الري وتنفيذ المرحلة الأولى من خطة تزويد بيروت الكبرى بالمياه المعروفة بمشروع «ناقل الأولي»، وإنشاء أجهزة متخصصة لدرس ومراقبة المياه الجوفية في كل المناطق اللبنانية وتحديث البيانات المتعلقة بها». وكلها وسواها من خطط إصلاح قطاع المياه المتعثرة كان مؤتمر «سيدر» أكثر حرصا من الدولة اللبنانية على الاهتمام بها ووضعها في أعلى سلم الأولويات حيث خصص المؤتمر للمياه 33,8% من إجمالي قروضه مشترطا صدور قانون عصري للمياه في لبنان، مضى أكثر من عامين على صدوره وما زال يتعثر في متاهات صلاحيات ومحاصصات الرئاسات والوزارات، وبرغم التهديدات المصيرية التي يشكّلها هذا القطاع الحيوي في لبنان والبلاد العربية والعالم. حيث التقديرات الدولية تشير الى انه بعد حروب الاستيلاء على النفط والأراضي والمضائق والممرات سيكون الصراع العالمي «باللون الأحمر للاستيلاء على المياه بدءا من مياه سفينة نوح»!! كما هو الوصف المثير في أحد التقارير الدولية!! فيما التوصيات الصادرة عن مؤتمر المنتدى العربي للبيئة والتنمية الذي عقد في بيروت حذّرت من حدوث نواقص مائية حادة وحرجة في البلدان العربية تتطلب عملا فوريا على وجه السرعة لتجنّب مخاطر عدة بدءا من خفض الانتاج الزراعي وزيادة ألفقر وتدني الأوضاع الصحية العامة الى المزيد من التدهور البيئي بما سيقوض على نحو خطير أجندة التنمية البشرية العربية، بينما مجلة «الأكونوميست» البريطانية في ملحق خاص عن أزمات المياه في العالم تكشف ان أحد الأهداف الرئيسية لعدوان ٥ حزيرن ١٩٦٧ على مصر منع تحويل مياه نهر الأردن، وسبقه بعامين القصف الإسرائيلي على الورش اللبنانية التي كانت قد بدأت بتنفيذ مشروع روافد النهر، وان المياه ستكون احدى القضايا الرئيسية المشتعلة حسب تعبير المجلة «بين إسرائيل وجيرانها»!

في حين تصل بعض التقديرات حول أزمة المياه العالمية الى حد التوقع بأن يصبح يوما سعر ليتر الماء موازيا لسعر ليتر من النفط»!!