بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 آذار 2021 08:00ص الحد الأقصى للارتجال في الحد الأدنى للأجر

حجم الخط
مع بلوغ الدولار عتبة الـ١٠ آلاف ليرة، بات الحد الأدنى للأجر في لبنان أقل من ٦٨ دولارا تقترب من الحد الأدنى في سريلانكا (٦٢ دولارا). وحسب تقرير موقع WORLD DATA INFO أقل من الحد الأدنى في بنغلادش (١٦٢ دولارا) ومن الحد الأدنى في باكستان (١٣٠ دولارا) وأقل من نصف الحد الأدنى في الفيليبين (٢٣٧ دولارا)!

علما أن الحد الأدنى في لبنان كان الأعلى بين البلاد العربية غير المنتجة للنفط وبات في آخر اللائحة الآن، أقل من الحد الأدنى الآن في تونس (١٢٥ دولارا) ومصر (١١٥ دولارا) وبما يشبه قنبلة لبنانية موقوتة في بنية اقتصادية بعمالها ومؤسساتها ودولتها مهدددة بالانفجار، لا يمكن فكفكتها بقرارات ارتجالية على غرار إقرار سلسلة الرتب والرواتب التي ابتلعها حوت التضخم حتى قبل المحنة الاقتصادية والجائحة الوبائية الحاضرة، فكيف الآن حيث أكثر من نصف القوى العاملة يلتحق بـ «جيش البطالة»؟ وفي حالة طوارئ تحتاج الى اقتصاد انتاج يحمي القوة الشرائية لأجر العامل ويحمي «المزايا التنافسية» للبنان في مواجهة سياسات حماية ودعم وحوافز لدى دول في الجوار العربي القريب والشرقي والغربي البعيد، وحيث صيغة الحد الأدنى للأجر لم تعد البديل عن سياسة أجور أشدّ فعالية، وموضوع جدل واسع في عديد البلدان التي تخلّت عن هذه الصيغة مثل السويد والدانمارك والنروج وايسلندا وسويسرا وسنغافورة الى بريطانيا التي عدّلت في تركيبتها العام ٢٠١٦.

وفي دراسة لمجلة «الأكونوميست» العام ٢٠١٠ ان سياسة الحد أدنى للأجر كثيرا ما أدّت في بعض البلدان ليس فقط الى ضياع ما حققته للوهلة الأولى من المكتسبات وإنما أيضا الى تسريح شرائح كبرى من القوى العاملة في العديد من القطاعات، وبما قد يوجب في حال لبنان الانتقال من قرارات ارتجالية الى حوارات بين العمال ومؤسسات الأعمال، أكثر واقعية وعملية وعلمية، بمعزل عن «رأسمالية أنانية» همّها الوحيد المزيد من الأرباح الخاصة ولو على حساب المصالح العامة، وقيادات عمالية همّها الوحيد المزيد من الشعبية ولو بشعارات «شعبوية» لا تخدم في المحصلة النهائية لا مصلحة الاقتصاد ولا مصلحة العامل وتحرم العاطلين عن العمل من فرص العمل!

علما ان تشريع الحد الأدنى للأجر الذي أقرّ للمرة الأولى في العالم العام ١٨٩٤ في نيوزلندا واعتمدته الولايات المتحدة في العام 1938، وما زال حتى الآن بين تأييد ومعارضة أو بتسوية بين الاثنين على غرار توجهات صندوق النقد الدولي التي وضع قيودا بأن لا يزيد الحد الأدنى للأجر عن ٣٠ الى ٤٠% من الحد الأدنى للمتوسط العام للأجور في البلد المعني، وهذا قبل أن تعصف بالعالم أزمات اقتصادية ووبائية دمّرت الجزء الأكبر من القوة الشرائية لأجور غالبية عمال العالم، لا سيما عمال لبنان حيث العملة الوطنية دخلت خلال عام واحد بين ٢٦ شباط ٢٠٢٠ و٢٦ شباط ٢٠٢١ في خانة العملات الأكثر انخفاضا (٨٤%) بأكبر من نسبة انخفاض السودان (٧٦%) وجنيه جنوب السودان (٥٠%) مقابل ٩٧% لـ «بوليفار» فنزويلا و٧٧% لدولار زيمبابوي.