بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 تموز 2020 07:12ص الضغوطات على اقتصاد لبنان.. مؤشرات الحرمان و..العصيان

حجم الخط
الرسالة التي وجّهها Bank of America للمستثمرين الدوليين عن معدلات قياسية عالية لسعر الدولار في لبنان، أضافت أبعادا اقتصادية للحصار المتزايد حول لبنان بدءا من إعلان وزير الخارجية الأميركية ان الولايات المتحدة لا يمكن أن تساعد لبنان على الخروج من أزمته ما دام دولة وكيلة لإيران، الى تصريح وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان بأن الحكومة اللبنانية «لم تحرك ساكنا» تجاه كل الدعوات التي وجّهت إليها لمكافحة الفساد، وهو الشرط الذي يقف حجر عثرة في مسيرة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

والى هذا الحصار الخارجي، حصار داخلي من وباء الكورونا وتداعياتها الاقتصادية وعدوى «التضخم النقدي الذي زاد في شهر واحد (أيار ٢٠٢٠) 56,6% وتراجع واردات الموازنة مع عجز المؤسسات والأفراد عن دفع الضرائب والموجبات، الى ضغط متزايد على مصرف لبنان باضطراره لانفاق 1,5 الى ٢ ترليون ليرة شهريا لتمويل استيرادات الأساسيات، وتراجع التحويلات الى 7,4 مليار دولار، (بعد أن سجلت زيادة ٦% في العام ٢٠١٩) مع توقع صندوق النقد الدولي، انكماشا ملحوظا هذا العام نتيجة تردّي عامل الثقة في المناخ المالي اللبناني، وصولا الى توقعات Bank Of America بأن التضخم في لبنان قد يصل الى ٢٢٢٣%(!) في نهاية هذا العام، فيما العديد من مؤسسات الاستشراف الاقتصادي، ومنها التقرير الأخير لبنك عودة، تشير الى «وهن الاستثمار الخاص لا سيما في ظل تأجيل أو إلغاء للقرارات الاستثمارية الخاصة وتسجيل نسب البطالة مستويات غير مسبوقة بالتوازي مع ارتفاع ملحوظ في أسعار السلع والخدمات». بما لا يمكن معه للحكومة اللبنانية أن «تضع اليد في الجيب» قبل أن تعود المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الى التحرك من جديد، وبعد البدء بمسيرة الاصلاح بتعزيز الايرادات وخفض عجز الموازنة وإصلاح النظام التقاعدي وقطاع الكهرباء وخفض نسبة الدين العام الى الناتج المحلي ومكافحة التهرّب الضريبي والتهريب الحدودي، ووسط تحذير مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من ان «الوضع في لبنان الذي يواجه أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، يخرج بسرعة عن السيطرة».

وفي نموذج من مستوى العيش تحدد الموسوعة البريطانية درجاته تحت عنوان «Standard Of Living» بأنه:

١- درجة الغني غنى والفقير فقرا.

٢- درجة وصول المواطنين الى الغذاء الكافي.

٣- درجة وصول المواطنين الى الكهرباء الكافية.

٤- ودرجة وصول المواطنين الى الرعاية الصحية. 

ولعل «غبريال بوند» (البروفسور السابق في مدرسة الحرب الفرنسية) بين أفضل من رأى العلاقة بين مستوى هذه الدرجات والعصيان المدني الذي نرى علاماته الآن اصهاراته في الحراك الشعبي بأن «اضطراب الاقتصاد وأعمال المضاربات على أنواعها وارتفاع ثمن السلع الضرورية للاستهلاك، والتضخم النقدي والبطالة وازدياد أعباء الضرائب والرسوم، تشكّل خطرا كبيرا «يفكك تضامن المجتمع ويخلق البغض بين فئات المجتمع، وعلى لوحة كبيرة يظهر فيها التناقض الشديد بين شقاء الطبقات الفقيرة المعدمة، وأقلية من الأثرياء تنشر مظاهر رغدها وبذخها ولا تبالي، فتستفزّ بعملها هذا شعور المحرومين وتنزع في نفوسهم روح العنف وبذور العصيان» في صورة تعيد الى الأذهان مقولة أبي ذر الغفاري الشهيرة: «عجبت لمن يجوع كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه».