بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 أيار 2022 12:02ص الوردات لـ«اللواء»: نصف الشعب اللبناني بات يحتاج إلى مساعدات طلبنا من الحكومة اللبنانية أن يكون لديها مخزون من القمح لـ3 أشهر

د. عبد الله الوردات د. عبد الله الوردات
حجم الخط
تتفاقم الأزمة الاقتصادية الاجتماعية غير المسبوقة في لبنان يوما بعد يوم نتيجة عدم إيجاد الحلول المطلوبة لها، والتي بدأت بشكل فعلي في تشرين الأول 2019، وانطلقت على أثرها ثورة شعبية رافضة لسياسة المنظومة الحاكمة التي نهبت مقدرات الدولة واستنزفت مواردها واستولت على أموال الشعب الذي بات «على الحديدة يا حكم»، وأصبح يفتقد لأدنى مقومات العيش بعدما ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية عشرات الأضعاف، ناهيك أيضا عن الارتفاع الكبير لأسعار الدواء والمحروقات في ظل أزمة انقطاع شبه تام للكهرباء مما أدّى الى إستغناء عدد كبير من المواطنين عن اشتراكات المولدات بعد ان فاقت أسعارها مداخيل المشتركين، وانسحب الأمر كذلك على قطاع التعليم وهو أصبح من الكماليات بعدما باتت كلفة أقساط المدارس والجامعات خيالية ومعظمها بالعملة الصعبة مما جعل الأمر بعيد المنال عن أبناء الموظفين ذات الدخل المحدود، وبات التعليم يقتصر على أولاد الأغنياء فقط.
إضافة الى كل هذه المصائب التي يعاني منها المواطن اللبناني، فأنه بين فترة وأخرى تطلّ عليه أزمة فقدان مادة الطحين وبالتالي اختفاء الخبز، لذلك فإن الوضع الإستثنائي الحالي يحتاج بطبيعة الحال الى مواكبة دولية إستثنائية، وللاطّلاع على ما تقوم به منظمة الأمم المتحدة بالنسبة لهذا الملف كان لـ«اللواء» حديث مع ممثل ومدير برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة في لبنان الدكتور عبد الله الوردات الذي يقول عن سبب النقص في مادة القمح: «منذ انفجار مرفأ بيروت في آب 2020، ونحن نطالب بوجوب أن يكون لدى لبنان مخزون من القمح يكفيه لمدة ثلاثة أشهر، وهذا أمر بديهي يُعتمد من قبل كافة دول العالم من أجل تفادي الأزمات والصدمات التي يمكن حصولها كما هو الحال حاليا، ولكن للأسف فإن لبنان لم يلبِّ طلبنا بحجة عدم وجود أماكن مناسبة لتخزين القمح بإعتبار ان إهراءات المرفأ كانت المكان الوحيد المناسب للتخزين، علما ان لبنان هو بلد مستورد للقمح والحبوب وبامتياز وان نسبة 85% من هذه المواد تأتي من دول البحر الأسود، لذلك فالمشكلة هي ان إبرام عقود من أجل الاستيراد من دول أخرى في الوقت الراهن يحتاج الى وقت وبكميات محدودة لأن لا أماكن للتخزين، لذلك فان الحرب الأوكرانية-الروسية أثّرت وستؤثّر بشكل مباشر على لبنان مما سبّب بمعاناة أساسية لذلك نتمنّى إيجاد الحلول السريعة لهذه الأزمة».
وحول كيفية مساعدة المنظمة للبنان لتخطي هذه الأزمة يشير المسؤول الدولي إلى انه يمكننا تقديم المساعدة من خلال الخدمات اللوجستية والفنية وعمليات الشراء وتسريع الشحن، لافتا انه في حال كان لدى المنظمة موارد مخصصة لشراء القمح فهي ستكون على أتم الاستعداد للمساعدة.
وعن تقييمّ عمل المنظمة للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية يؤكد الوردات بأن لبنان يمرُّ بأزمة كبيرة، وانه ولأول مرة فان نسبة 46% من الشعب اللبناني يعاني من انعدام الأمن الغذائي، مما يعني ان لا قدرة شرائية لهذه الشريحة، وأيضا لا قدرة لها حتى للوصول الى المواد الغذائية التي تعتبر أساسية لأي شخص كان وهي حق له، كاشفا انه حوالي نصف الشعب اللبناني أصبح بحاجة الى مساعدات.
وأشار الوردات الى ان المنظمة الدولية تقدم مساعدات نقدية وغذائية لأكثر من 700 ألف مواطن لبناني حاليا، إضافة الى تقديمها للمساعدات الإنسانية للاجئين السوريين في لبنان منذ العام 2011.
وأعلن بأن المنظمة تقوم بالعمل على توسيع تمويل مشروع العائلات الأكثر فقرا بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والذي كان بدأ منذ العام 2014 عندما كان اعداد هذه العائلات محدود جدا أي بحدود 10 آلاف أسرة ليصبح في نهاية أيار الحالي 75 ألف أسرة أي 400 ألف مواطن لبناني، مشيرا الى ان هذا المشروع يقضي بمنح كل فرد مبلغ وقدره 20$ بدل مواد غذائية إضافة الى منح العائلة 25$ من أجل مصاريف أخرى، يعني إذا كانت العائلة مؤلفة من 5 أشخاص تستفيد العائلة من مبلغ إجمالي قدره 125$ دولارا شهريا.
ويكشف المسؤول الدولي الى ان لدى المنظمة أيضا برنامج «السلل الغذائية» وهو يؤمن المواد الغذائية الأساسية الى 80 ألف عائلة لبنانية مؤلفة من 4 الى 5 أشخاص على أن يتوسع أيضا هذا البرنامج الشهر المقبل لكي تستفيد منه 100 ألف عائلة لبنانية.
وعن آلية الاستفادة من المساعدات يوضح الوردات انه يتم تسجيل الأسر اما بشكل مباشر أم عن طريق شركاء حاليين للمنظمة أو حتى عن طريق البلديات وعلى الرغم من الطلبات الكثيرة التي تصلنا فنحن نقوم بالتحقق من الأسر المحتاجة من خلال الزيارات المنزلية للتأكد من المستفيدين، لافتا الى ان العمل يجري بطريقة محددة من خلال تعبئة استمارة معيينة لتقييم مستوى الفقر لهذه الأسر ومن ثم نقوم بوضع «داتا» بالشراكة مع مجلس الوزراء ومن خلال الأرقام التي تصدر عنا يتم دمجهم بالمساعدات، حتى بعد ادخال المساعدات النقدية شهريا عبر البطاقة يتم التحقق من الأسر التي تستفيد من المساعدات من خلال قيام مندوبينا بزيارة ميدانية لعيّنة عشوائية من هذه الأسر، والذي يريد التواصل معنا فهناك خط ساخن هو 1526.
مشيرا بأن مشروع المنظمة بدأ في العام 2020 وكان لدينا الأمل بالاستمرار لفترة مؤقتة ولكن مع الأسف اضطررنا لتوسيعه وسنكمل فيه طالما هناك حاجة لذلك، مؤكدا ان عمل منظمة الغذاء العالمي يمتد على مساحة لبنان وفي كل المناطق المحتاجة من خلال دراسة كل الحالات بشكل دقيق لاتخاذ القرار بمساعدة من هو الأحق من المستحق لان دائما هناك أولوية.
ويشدّد الوردات على ان برنامج الأغذية العالمي مستمر بالوقوف الى جانب لبنان في هذه الأزمة، متمنيا أن يتقلص دوره خلال السنوات الخمس المقبلة ليقتصر فقط على تقديم المساعدات التقنية والفنية.