بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 أيلول 2021 12:01ص بطاقة تمويلية باليمنى يقبضها التضخّم باليسرى

حجم الخط
 بين قرار إعطاء العائلات اللبنانية الأشد فقرا («بصورة مؤقتة»)! بطاقة تمويلية بـ١٢٦ دولارا، وللفرد الأكثر فقرا ٢٥ دولارا تصرف شهريا بالليرة بسعر دولار السوق الموازية، وبين ارتفاع سعر صفيحتي البنزين والمازوت وقنينة الغاز نهاية أيلول بسبب رفع الدعم، هناك «تضخم كامن» مرتقب يرفع الأسعار ويمزق «شبكة الأمان الاجتماعي» التي قال وزير الشؤون الاجتماعية يوم الإعلان عن البطاقة أن هدفه الدائم كان وما يزال حمايتها من التضخم!!

في حين ان الاجراءين معا: رفع الأسعار وصرف البطاقة بالليرة سيكونان عاملين أساسيين، إضافة الى عوامل أخرى في طباعة المزيد من كميات النقد المتداول، في رفع التضخم الى ما لا يقل عن ١٨٥% وبما يزيد بالتالي في معدل الفقر المقدرة بتقرير الأسكوا لدى أكثر من ثلاثة أرباع اللبنانيين، والفقر المدقع لدى ٥٠%. وبما يعني أن الدولة اللبنانية ودائما «على طريقة حليمة في عادتها القديمة» تحرم المواطن اللبناني باليد اليسرى بأكثر مما تهبه باليد اليمنى!

وما يزيد الملح في الجرح ان الإعلان عن البطاقة والأموال النقدية التي تصرف بها بالليرة، يأتي بعد عن قرار صرف الـ٤٠٠ دولار من حسابات المودعين بما يوازي ٢٥ مليار دولار بالليرة أيضا وعلى مدى ٥ سنوات، إضافة إلى مشروع لجنة المال والموازنة النيابية رفع سعر صرف سحوبات ودائع الدولار من ٣٩٠٠ ليرة الى ما بين ١٠ آلاف و١٢ آلف وربما ١٥ ألف ليرة(!) بما سيؤدي الى ارتفاع كمية النقد المتداول من نحو ٤٠ ألف و٤٥ ألف مليار ليرة الآن إلى ما يقترب من ٦٠ ألف و٦٥ ألف مليار ليرة، بكل ما يعنيه هذا الدفق «السخي» من النقد المتداول، في المزيد من التضخم وارتفاع الأسعار وبما يتناقض مع إعلان وزير الشؤون الاجتماعية أن وقف موجة التضخم كان هدفه في الأساس من البطاقة التمويلية التي سينتهي مفعولها قبل أن يبدأ وبما لا تزيد قيمته عن قيمة المعدن الذي صنعت به البطاقة. لا سيما إذا أخذنا بالاعتبار الإرتفاع الكبير في كمية النقد المتداول واستخدام هذا الفائض في السعي وراء سلع مفقودة أو نادرة بما يسمّى «التضخم الناتج عن ازدياد الطلب» Demand Pull Inflation، مصحوبا أحيانا بارتفاع أسعار المواد الأولية في الخارج، مثل النفط والسلع الأخرى الضرورية، إضافة الى ارتفاعها في الداخل بما يؤدي مجموعه الى ما يسمى «التضخم الناتج عن ارتفاع الكلفة» Cost Push Inflation. وكلاهما، سواء ارتفاع الطلب أو الكلفة، جزء من عوارض جانبية تزيد في جموح تضخم غاب عن ذهن وخبرة بعض أهل الحكم، أو حضر في ذهن وخبرة البعض الآخر ممن اعتاد على التجاهل وتغييب الحقائق وشراء الوقت أو أنانية شعارها الوحيد «بعدي ما ينبت حشيش وبعدي ما حدا يعيش»!