بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 تموز 2021 12:01ص بعد الـ٨٦٠ مليون دولار من صندوق النقد أموال إضافية توقف جموح الدولار؟!

حجم الخط
الكلمات التالية هي أولا من باب التحذير للذين يقبلون الآن على شراء الدولار وتخزينه بغرض تحقيق أرباح مستقبلية من فارق السعر الذي يتوقعون أو يحلمون بارتفاعه الى معدلات جديدة خيالية تفوق ما حققه أخيرا عندما اخترق لأول مرة حاجز الـ٢٠ ألف ليرة.

وهذا التحذير بداية لا يعني ان الدولار سيسلك طريقا عكسيا الى وراء في وقت قريب، حيث الدلائل الحاضرة تشير الى انه سيحلّق عاليا ولكن ربما لفترة ما، قد يضطر بعدها الى مواجهة تطورات نقدية يفترض أن تخفض سعر صرفه مقابل الليرة بشكل ملحوظ وبنسبة قد تعيده الى دائرة الـ١٠ آلاف أو الـ١٢ ألف ليرة، وهذا إذا عرفت الدولة كيف تستثمر هذه التطورات بما يعيد بعض القوة للعملة الوطنية.

فما هي الفرصة الجديدة الطارئة وما مقدماتها؟

انها بداية في إعلان المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي محمود محي الدين خلال لقاء مع رئيس الجمهورية ان المؤسسة الدولية ستخصص للبنان خلال شهرين من الآن مبلغ ٨٦٠ مليون دولار من ضمن حقوق السحب الخاصة العائدة له في الصندوق (البالغة ٦٠٠ مليون وحدة كل وحدة توازي 1,42 دولار) وبمعدل فائدة صفر، وذلك بهدف مساعدة لبنان في مواجهة تداعيات جائحة الكورونا وتحسين الأوضاع الاجتماعية. وبحسب القانون سيودع المبلغ في حساب في البنك المركزي وبما يعوّض نسبيا عن ما صرف من الاحتياطي الالزامي في دعم السلع المعيشية والضرورية.

فما أهمية هذه الجرعة النقدية الإضافية في معركة تطورات سعر الصرف التي نتائجها حتى الآن لصالح الدولار على حساب قيمة العملة اللبنانية؟

 في المرحلة الأولى يمكن أن تشكّل هذه الجرعة بداية عد عكسي لغير صالح الدولار بما قد يشكّل للمضاربين على الليرة اللبنانية محطة ينبغي الوقوف عندها كي يعيدوا تقييم نظرتهم وتوقعاتهم بشأن مستقبل أسعار الصرف تجنّبا لخسائر كبرى محتملة، في حال ان هذه الجرعة النقدية كانت بداية ومنطلقا لجرعات نقدية إضافية يمكن بها إعادة رسم خارطة أسعار الصرف وتركيبة السوق الموازية لصالح الليرة ولغير صالح الدولار.

وأما الاشارات الأولى عن هذه الجرعات الإضافية فقد جاءت على لسان المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي من ضمن إعلانه عن تخصيص مبلغ الـ٨٦٠ مليون دولار، بأن الصندوق «على استعداد لتقديم المزيد من الأموال للبنان في حال تشكيل حكومة مقابل تأمين أقصى درجات الشفافية في صرف هذه الأموال وطريقة إدارتها واستخدامها كشرط مسبق».

وأما الإشارات الثانية فهي ان البدء بتحديد طرق استثمار جرعة الـ٨٦٠ مليون دولار والمزيد من الجرعات خلال فترة وجيزة، سيكون منطلقا لتفعيل القروض غير المستعملة لدى مجلس والانماء والاعمار والتي تقدر بحوالي مليار دولار، فضلا عن تحريك الشريحة التي في غرفة الانتظار من مؤتمر سيدر بنحو 2,300 مليار من أصل إجمالي مقررات المؤتمر البالغة ١١ مليار دولار. وبالتالي إذا حصل وسار كل شيء كما هو مطلوب ولو بالحد الأدنى الممكن والمقبول، فسيكون في عهدة لبنان في وقت قريب:

٨٦٠ مليون دولار من صندوق النقد + ١ مليار دولار قروض لدى مجلس الانماء والاعمار + 2,300 مليار دولار شريحة أولى من مؤتمر سيدر. بما مجموعه 4,160 مليار دولار يضاف إليها مستقبلا ما يمكن أن يقدمه صندوق النقد تدريجيا في ظل حكومة جديدة تبدأ مسيرة الإصلاح بموجب خطة يبدو انها ستكون «خطة التعافي المالي» التي أقرّتها حكومة تصريف الأعمال الحالية يوم كانت «حكومة أعمال».

ويضاف الى هذا كله ان مجموع الـ4,160 مليار دولار متى دخلت في سياق مضاعف الاستثمار أو ما يسمى بالـMultiplier فسيكون تأثيرها بثلاثة أضعاف الأمر الذي سيشكّل سيفا وترسا في وجه المضاربات الدائرة الآن في سوق الصرف لا سيما إذا أمكن تفعيل دور الذهب ولو بمفهوم موجودات الأحوال الطارئة، وبما يعيد الليرة عندها الى وضع أفضل يستحق الوقوف عنده قبل التمادي الى حد بعيد في الاقبال على الدولار بكل ما قد يعنيه ذلك من احتمال الخسائر وربما الكوارث على المضاربين أو غير المطلعين كفاية على طبيعة وحركة السير.

وكل هذا بشرط أساسي واحد هو أن تتجه الأمور الى عكس الانحراف السائد حتى الآن وباتجاه إصلاحات بالحد الممكن والمقبول. وإلا على ليرة لبنان واقتصاد لبنان وكيان لبنان السلام، إنطلاقا من القول الحق للاقتصادي الشهير جاليمار شاخت: «ان فكرة النقد تتماهى مع فكرة الوطن».