بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 أيلول 2021 12:12ص بعد الكبوة المصرفية... تمييع تحقيقات المرفأ ضربة جديدة للثقة الدولية باقتصاد لبنان

حجم الخط
الضغوطات السياسية والاجتهادات «القانونية» التي تهدد سير التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، تترك آثارها على أي إستثمارات مستقبلية لجهة العلاقة الوثيقة بين القضاء والاقتصاد. وفي عبارات البنك الدولي «ان سيادة القانون والتنمية الاقتصادية أمران مترابطان ويعزز كل منهما الآخر» و«وجود قوانين نافذة ومطبقة تضمن حقوق المواطن وتحقق الأمان الاقتصادي والاجتماعي تعتبر محصلة لإيجاد وتوفير مناخات ملائمة للاستثمارات والتنمية بكل معانيها».

وفي حال لبنان الآن فإن التمييع والمماطلة والتأجيل بهدف إقفال ملف تحقيقات المرفأ دون الوصول الى نتيجة سوى على الطريقة اللبنانية التقليدية «عفا الله عما مضى» ستترك آثارا سلبية جدا على لبنان الغارق حتى قبل تفجير المرفأ بعشرات السلبيات الاقتصادية التي سوف تكون الى سنوات طوال عائقا أمام أي استثمارات خارجية أم داخلية. ومنها أخيرا الإمتناع لأول مرة في تاريخ لبنان عن دفع الدولة اللبنانية ما عليها من مستحقات للدائنين الأجانب واللبنانيين. ومنها أيضا إقامة المصارف اللبنانية حواجز صلبة وقاسية بين المودعين وأموالهم بالدولار، وإستبدال هذه الأموال بالعملة المحلية بطريقة اعتباطية وبسعر صرف تفرضه المصارف بصورة همياوانية يقلّ بنسبة أربعة أضعاف سعر الصرف الحقيقي في السوق الموازية، وباقتطاعات اعتباطية من حسابات المودعين بشكل عمولات دورية ونفقات وهمية، وبقرارات فردية استنسابية، ودون أي تشريعات أو قوانين وخارج أي معايير ومقاييس مهنية، وفي غياب دولة متواطئة وعاجزة عن فرض سلطة القانون!

وأمام خطورة هذه السقطات المتتالية خلال أقل من عامين من الإمتناع عن دفع مستحقات الدائنين والتقييد نوعا وكمّا وزمنا على أموال المودعين، وصولا أخيرا إلى ادخال جريمة العصر في تفجير مرفأ في متاهات السياسيين، في نظام تنتهك فيه القوانين بذريعة الحرص على العيش المشترك و«احترام» الحصانات و«الكرامات»، أي مساحة باقية صالحة وملائمة لأي استثمارات متوقفة أصلا حتى قبل ما استجد أخيرا من التطورات، بسبب تجاوز القوانين وفرض «الخوات» السياسية والعمولات والمشاركات القسرية على المستثمرين، فكيف إذا أضفنا الى كل هذه الأحوال ما نشهده هذه الأيام من الأهوال، بما يدمر أي صلة أو علاقة بين مسيرة القضاء ومسيرة الاقتصاد، وبما يعيد الى الذاكرة يوم استدعى ونستون تشرشل في غمرة الحرب العالمية الثانية قاضي القضاة وسأله تحت وابل قنابل القصف النازي عن حال القضاء. وعندما قال القاضي ان القضاء بخير، كان جواب تشرشل: «إذن بريطانيا بخير»!