بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 حزيران 2020 07:19ص بعد انتقاداتها سياسة تثبيت سعر الصرف عادت الحكومة العليمة للعادة القديمة

حجم الخط
اللافت في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة في قصر بعبدا ان مقرراتها عادت إلى سياسة «تثبيت سعر الصرف» عبر الطلب الى مصرف لبنان التدخّل في السوق المالية بضخ كميات وافرة من الدولارات لـ «لجم» سعر الدولار الذي كان قد بلغ عشية الجلسة رقما «جنونيا» فاق الـ ٧٠٠٠ ليرة. وهذا رغم ان هذه السياسة النقدية نفسها لاقت أهم الاعتراضات العامة والانتقادات الشخصية التي وجّهها رئيس الحكومة لحاكم مصرف لبنان. فماذا الذي جرى وماذا بدا مما عدا، كي تتحوّل فجأة في نظر الحكومة ورئيسها من خطيئة نقدية الى عملية انقاذية لمنع انهيار الليرة وتثبيت سعر صرف الدولار عند معدل يفوق ضعف المعدل الذي درج مصرف لبنان على تثبيته طوال السنوات الثلاثين الماضية؟ وفي اعتراف «من حكومة الاختصاصيين» بان هذه السياسة كانت في الماضي وكما هي اليوم، عملية «شراء الوقت» منعا للانفجار و«تثبيت سعر الدولار» منعا لتعرّض القوة الشرائية لملايين اللبنانيين إلى الانهيار، والحرص على دفع الرواتب والأجور ودعم الغذاء والدواء والكهرباء وسواها من المستحقات والضرورات.

حتى انه في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، من رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة الى باقي الوزراء والخبراء، نسى الجميع خلافاتهم واختلافات آرائهم، وباتوا في خندق واحد وعند موقف واحد هو ان سياسة تثبيت سعر الصرف هي «المانعة للحرائق» وضخ المزيد من الدولارات الحل «النازع للصواعق»!

ولكن كيف؟ ومتى؟ ولعل وعسى!

وهل ان ما كان ممكنا بالأمس من ترف «التثبيت» والتدخّل في زمن الوفورات والفوائض ما زال ممكنا اليوم في زمن القلّة والشدائد!

كل الدلائل تشير الى العكس!

فخلال الـ ٣٠ سنة الماضية كان تدخّل مصرف لبنان في ظروف أفضل من حيث حجم التحويلات الاغترابية السنوية التي تفوق الـ ٨ مليارات دولار، وكان مجموع العائدات السياحية والتصديرية والاستثمارات الخارجية السنوية يفوق الـ ٧ مليارات دولار، ولم تكن أسعار النفط ومعها مداخيل اللبنانيين منخفضة الى الحد الأدنى الذي هو عليه الآن. وكان تدخّل مصرف لبنان يحصل ضمن هذه المزايا التي انحسرت وتراجعت معها احتياطيات مصرف لبنان الى الحد الذي لم يعد بالامكان استخدامه كفاية لتحديد معدل واقعي لسعر الصرف، إلا مما قد «يشح» أو «يرشح» الآن من تحويلات وودائع نضبت، أو استثمارات وواردات سياحية وتصديرية ضمرت. وبالتالي فان قبول مصرف لبنان طلب الحكومة ضخ دولارات لمنع هبوط سعر الليرة هو على غير اقتناع لكنه في الوقت نفسه التزام على مضض تفرضه حالة العهد والحكم والحكومة وتلبية لمطالب وضغوطات شعبية و شعوبية، قد يزيد في امكاناتها تجييش كل وزارات الدولة وأجهزتها الإدارية والأمنية والقضائية، لكنها تبقى رغم كل المحاولات أسيرة العرض والطلب في ظروف يعزّ فيها العرض ويتعاظم الطلب!