بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 آب 2021 12:01ص «توزيعة مغانم» اسمها «نظام اقتصادي»

حجم الخط
المشكلة الحقيقية للنظام الاقتصادي اللبناني، هي ان ليس له من «النظام» سوى الاسم، حيث لا مركزية قرار من مجموعة متجانسة توصلت بعد حوار بنّاء الى الاتفاق على كتاب اقتصادي موحّد لمصلحة شعب ووطن، بل هي عبارة عن شتات «من مجموعات متضاربة المصالح والاتجاهات والخلفيات التاريخية والغرائز الطائفية والنزاعات المذهبية، لا يمكن أن ينتج عنها حل اقتصادي أو استقرار اجتماعي. وما نطالعه ونشهده اليوم، كما الأمس، وسط هذا الدمار والخراب، ليس سوى تنظيرات ومعادلات وسيناريوهات مستقاة أو مسروقة من كتب ودراسات ومحاضرات عن نماذج اقتصادية مرسومة أساسا لبلدان أخرى لا تنطبق في شيء على تركيبة لبنانية، كان المؤرخ الراحل كمال الصليبي بين الذين سبروا أغوارها وتداعياتها بمجموعة آراء في مناسبات مختلفة تكشف عن شبه استحالة الوصول الى نتائج عملية للخروج من ما يسميه «المأزق المخيف الذي يجد اللبنانيون أنفسهم فيه اليوم» وذلك في طروحات سبقت انفجار الكارثة الاقتصادية - الاجتماعية الحالية بأكثر من ١٢ عاما منها: «ان لبنان في الأساس - كما في تعبير ناصيف اليازجي - بلاد عشائر» احتلت يوما المرتبة الأولى بين بلاد العشائر القريبة والبعيدة، وتمكنت مع الزمن من التحوّل الى بنية إقطاعية طائفية مذهبية راسخة أطلقت على نفسها صفة «عائلات روحية» دون أن يكون لها بالضرورة أي علاقة بالروحانيات! فإذا لم تعرف المجموعات التي تتكوّن منها هذه البنية الاقطاعية الطائفية كيف تتآلف وكيف توقف الشجار الحالي القائم فيما بينها، فسوف يعود اللبنانيون الى ما كانوا عليه: مجموعة من العشائر البدائية المتنافرة أصلا يشك كل طرف منها في كل طرف آخر وعلى كل صعيد، وسيظلون جميعا على حذر دائم، يطلقون مجسّاتهم الى العالم الخارجي في كل الاتجاهات لسبر ما يمكن الحصول عليه هنا أو هناك من مساعدة ودعم استعدادا لجولة أخرى من النزاع المكشوف.

والخطوة الأساسية الأولى نحو تغيير هذا الواقع هي «حملة تنظيف عامة في بيوت العناكب المنسوجة داخل هذه البنية الطائفية المذهبية الاقطاعية». وإلا فان أمراء الحرب من مختلف الأطراف سيبقون ممسكين بقوة بمفاصل هذه البنية مع الحرص الدائم على الادّعاء بين الحين والآخر انهم الى جانب الشعب واستمرار وجود البلد ووحدة شعبه وكيانه وسلامة أراضيه حتى وهم يتابعون العمل عكس هذا الاتجاه، وذلك للحفاظ على لديهم من مصداقية وما لهم من مكاسب ومغانم وامتيازات!

وأمام هذا الوضع الغريب هل هناك جدوى من البحث عن حبوب في غربال مثقوب؟!