بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 تشرين الثاني 2022 12:00ص حالة من التخبّط التشريعي والمالي ستكون لها تداعيات اجتماعية كبيرة بانتظار الاستحقاقات!

حجم الخط
حذّرت مصادر مالية مطّلعة من أن لبنان يمرّ  بمرحلة دقيقة جدا بانتظار التسوية السياسية التي تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وإعادة إقرار خطة إصلاحية على أسس سليمة وواضحة وعلمية من قبل مجلس الوزراء وتتزامن مع إقرار مشاريع القوانين في المجلس النيابي، وانتقدت المصادر كل  ما يجري على المستويين التشريعي والنقدي واصفة إياها بحالة من التخبط وبأن كل ما يحصل غير علمي، غير ممنهج وغير مبني على رؤية واضحة وممكن أن يؤدي الى مزيد من التدهور الاجتماعي والاقتصادي...
وإذا كانت الأمور بهذا السوء قبل بدء تنفيذ الدولار الجمركي على الـ15 ألف ليرة كيف ستكون التداعيات مع التطبيق: هل ستتمكن الحكومة من تحصيل الإيرادات المرجوة وهل ستلجأ مجددا الى طباعة العملة وكيف سيتأثر سعر الصرف؟؟
نائب  الرئيس  وعميد كلية الاقتصاد في جامعة الحكمة د. جورج نعمة قال أن هذا الكلام صحيح والتحذير في محله لأننا نلاحظ  بداية أن العمل جارٍ على مستويين تشريعي ونقدي: بالنسبة للأول نعرف أن مجلس النواب ينكب منذ مدة طويلة ويكثف العمل على موضوع قانون الكابيتال كونترول و«يشتغلون» عليه في اللجان النيابية وبالتزامن يتم التحضير لإقرار قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي، أنهما نصين تشريعيين  أساسيين مفترض أن يكونا مبنيين على خطة نهوض وإصلاح مالي التي لم يتوافق عليها بعد بشكل رسمي من قبل المجلس النيابي حتى انها لم تقرّ بعد من قبل مجلس الوزراء.
وأوضح  د. نعمة  أن المشكلة اليوم أن  المسار التشريعي للإصلاح المالي يأخذ الكثير من الوقت ونحن نسمع عنه منذ أكثر من سنتين والى اليوم لم نصل الى أي مكان، في الوقت عينه  تقوم السلطات النقدية أو بالأحرى مصرف لبنان باتخاذ العديد من التدابير استباقا أو تحضيرا لما ستؤول إليه الأمور بالنصوص التشريعية.
اليوم  مثلا في حال إقرار الكابيتال كونترول سيكون له تداعيات كبيرة على الداخل اللبناني أولا، تجدر الإشارة الى ان  هناك حاجة له لوقف الاستنسابية  بالتحويلات الى الخارج وكذلك  لوقف الاستنسابية أيضا في التعامل مع المودعين. إلا  أنه سيؤدي الى إلغاء كل تعاميم مصرف لبنان وهذا ما أقرّ به الحاكم خلال مقابلة تلفزيونية معه أي  عمليا عندما يقرّ الكابيتال كونترول ستتوقف مفاعيل التعاميم 151 و158 وحتى أيضا مفروض 161 هذا  الأمر من شأنه أن يفقد مصرف لبنان لأدوات كثيرة يستخدمها اليوم بغض النظر عن نتائجها لأن لها نتائج سلبية وسوف يفقده الأمر القدرة على التأثير في السوق كما في السابق خلال السنتين المنصرمتين. وهذا يوضح العلاقة بين المصرف والمودع لناحية السحوبات الداخلية وطبعا ستكون له آثار اجتماعية.
وتابع د. جورج نعمة قائلا:من جهة ثانية  فان مصرف لبنان بدأ استباق ما ستؤول إليه الأمور بقانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي خصوصا لناحية ان العمل بدأ التأكد أو حتى أخذ اجراءات تتعلق ببعض المصارف ونشير الى 3 بنوك تم تعيين مدير عليها  يحل مكان مجلس الإدارة للتحضير لورشة إصلاحية داخلية إذا هناك من قدرة أو لتصفية المصارف. نعرف أن هناك خطة الحكومة أقرّت تزامنا مع نهاية آخر جلسة لمجلس الوزراء بعد الانتخابات النيابية كانت تحكي عن تصفية المصارف أن هذا الأمر أيضا بدأ.
ولفت الى ان أهمية الموضوع انه على أية أسس يجري ذلك نعرف أن هناك معايير أسس: السيولة والملاءة ونسبة رأس المال وهذه معايير بازل 3 بالقطاع المصرفي يجب أن تتطبق علميا من دون استنسابية بين المصارف والمساهمين وغيره, الى اليوم لا توجد أسس واضحة كيف سيتم التعاطي مع مطلوبات المصارف من ناحية ومطلوبات مصرف لبنان من ناحية ثانية التي تشكّل شهادات الأيداع التي وضعتها المصارف لدى مصرف لبنان  هذا الأمر ناقص وغير مبني اليوم على قواعد سليمة لذلك يجب أن ننتظر قانون إعادة هيكلة المصارف كي تكون الورشة جدّية وتكون هيكلية لكل القطاع. إلا أن هذه الخطوات تؤخذ اليوم بشكل استباقي أو غير مبني على نظرة واضحة، السلطة التشريعية تعمل ببطء والسلطة النقدية تأخذ تدابير هي تراها جيدة ولكن لا يمكن أن تكون موضوعية من دون إقرار كل هذه المشاريع القوانين والخطة الإصلاحية هذا ما يحصل في البلد.
وردا على سؤالنا: هل ستتمكن الحكومة من تأمين الإيرادات المرجوة في الموازنة، ما هي خياراتها وبأية كلفة  تداعيات؟
أوضح عميد كلية الاقتصاد في جامعة الحكمة بالقول: نعم هناك حاجة لتأمين إيرادات إضافية للدولة اللبنانية هل ستأتي من الضرائب؟ اعتدنا في لبنان ان الحكومات تقرّ زيادة في الضرائب والرسوم لكن لا تدخل هذه القيمة التي كانت متوقعة  وإذا لم يحصل هل سيطلب من مصرف لبنان طباعة أموال إضافية؟ هذه  هي الاشكالية الأساسية التي تطرح اليوم كان مصرف لبنان خلال الأشهر الخمسة الماضية يطبع كمية كبيرة جدا من الليرة اللبنانية ويطرحها في السوق والكتلة النقدية التي تظهر في ميزانية مصرف لبنان تظهر ان مطلوباته زادت من 38 ألف مليار الى أكثر من 70 ألف مليار خلال هذه الفترة هذا مؤشر كبير يؤكد بان مصرف لبنان يلجأ الى طباعة النقد وهذا الأمر له تداعيات كبيرة جدا على سعر صرف الليرة مقابل الدولار فمن دون تمويل الموازنة هذا ما يحصل كيف في حال لجأت الدولة الى مصرف لبنان وطلبت أن يطبع أموالا إضافية بالطبع  الدولار الأميركي سيستمر بالتصاعد والليرة ستفقد المزيد من قيمتها. كل ما يحصل نتيجة عدم إقرار خطة واضحة وتبنّي مشاريع قوانين والسير بها وإقرارها بالمجلس النيابي... للأسف!!