بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 أيلول 2021 12:02ص حقوق السحب واحتياطي الودائع والذهب.. مال موجود وتدبير مفقود!

حجم الخط
المليار و١٣٥ مليون دولار بدل حقوق السحب الخاصة العائدة للبنان من صندوق النقد الدولي عن العامين ٢٠٢١ و٢٠٠٩، مضافا إليها ١٥ مليار دولار الاحتياطي الإلزامي مضافا إليها أكثر من ١٥ مليار دولار قيمة الاحتياطي الذهبي، يصل مجموعها الى نحو ٣٢ مليار دولار هو مبلغ كبير لاقتصاد بلد مثل لبنان لا يزيد ناتجه الاجمالي السنوي عن ١٨ مليار دولار.
وبدل تجزئة قنوات انفاق جزء من هذا المبلغ على شرائح غير منتجة تخدم دولة الفساد وحيتان الاحتكار مثل شراء المحروقات وتمويل «بطاقة الانتخابات» ونهب الجزء المتعلق باحتياطي ما تبقّى من أموال المودعين والاستمرار بتخزين الجزء الذهبي منه كما هو حاصل حتى الآن، الى عشرات السنين، يمكن استثماره بعائدات تعيد بالتدريج أموال المودعين، وتموّل اقتصاد قطاعات انتاجية تغني عن هدر مليارات الدولارات على سلع استيرادية تبقي الميزان التجاري وميزان المدفوعات والموازنة العامة في عجوزات مستمرة، والأكثرية الساحقة من اللبنانيين عند خط أو تحت خط الفقر الدائم وعلى باب الجوع الداهم.
بل ان خطة استثمار بهذا القدر من المال بما تؤدي إليه من انتعاش في اقتصاد يقف على حافة الانهيار، يمكن أن تجتذب الى الداخل جزءا كبيرا من ثروات اللبنانيين في الخارج والتي قدّرها بنك الاستثمار العالمي «كريدي سويس» في آخر احصاء له عن العام ٢٠٢٠ بـ250,2 مليار دولار تشكّل ثامن أعلى نسبة بين ١٩ دولة عربية والمرتبة ٦٣ بين ١٦٨ دولة عالمية.
وعلى غرار أي حلول لا ترضي أو تضع حدا لدولة المنافع والغنائم، تبقى مثل هذه الحلول «أضغاث أحلام» مقابل وقائع ناطقة بالكوارث والفواجع ودون خطة لمشروع إصلاحي يعيد بناء الرأسمال العام والخاص ويسترد الأموال المنهوبة ويؤمّن قوت ٧٧% من الأسر اللبنانية محرومة من تأمين حاجتها الغذائية بالكامل (الأمم المتحدة ٢٠٢١) وأكثر من ٧١% من السكان لا يحصلون على المياه الصالحة للشرب (يونيسيف ٢٠٢١) وفقر يصيب أكثر من ٨٠% من اللبنانيين (الأسكوا) ونقص حاد في الإمدادات الطبية في الصيدليات والمستشفيات يضع الجزء الأكبر من السكان على حافة الانهيار وعملة وطنية خسرت أكثر من ٩٠% من قوتها الشرائية وحد أدنى للأجور لا يكفي أكلاف نقل شهرية. فإلى متى كل شيء مؤقت أو مؤجل أو معطل! من الحاجة المتزايدة الى الكهرباء والماء والدواء والتطبيب والتعليم الى شبكة أمان واسعة تحمي ملايين اللبنانيين من العوز والبطالة والاضطرابات وتضع حدا لهجرة الكفاءات.
ولعل أفضل مثال على كل هذا الحرمان رغم وجود هذا الاحتياطي الكبير من المال، هو الوصف المنسوب الى الشاعر طرفة بن العبد للعيث (قوافل الجمل العربي) حاملة خزانات المال على ظهرها وهي تعاني من العطش الشديد:
كالعيث في البيداء يقتلها الظمأ.. والماء على ظهورها محمول.