بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 كانون الأول 2020 12:01ص حول «بشرى» كنعان عن موازنة 2021 خفض الإنفاق.. لكن ليس إلى حد الاختناق!

حجم الخط
موازنة الـ٧ أشهر الأولى من هذا العام بالمقارنة مع الفترة نفسها من عام ٢٠١٩ سجلت انخفاضا في  النفقات بنسبة 19,1% لكن مقابل انخفاض في الواردات بنسبة 21,9%  وفي ظاهرة إيجابية نادرة لجهة انخفاض العجز العام بنسبة 12،9٪ لولا ان هذا الانخفاض الملحوظ في الاتجاهين أدّى إلى تقلص الناتج الاجمالي وانحدار مستوى حياة اللبنانيين في الصحة والغذاء والسكن والتعليم وفي مقومات المجتمع بشكل عام.

والأمر نفسه يقال عن انخفاض الاستيرادات من ٢٠ مليار الى ١٠ مليار دولار وفي ظاهرة إيجابية تخفف من عجز الميزان التجاري لولا ان ٥٠% من هذا الانخفاض يدل على انحدار المستوى العام في المعيشة التي باتت فيها كماليات الدرجة الثانية حاجات أولية في حياة الناس ومنها البراد والغسالة وسخان الماء وجهاز الهاتف والدراجة والسكوتر والسيارة والساعة والنظارة ومعجون الأسنان والفوط وأدوات الحلاقة وقطع الغيار وبعض أنواع الملبوسات وحتى ألعاب الاطفال والتي باتت من الضروريات تضاف الى الحاجيات االمعيشية الأساسية من الأدوية والأجهزة الطبية والسلع الغذائية.

وبالمقابل صحيح ان خفض استيراد هذه السلع يحمي احتياطيات العملات الأجنبية ويخفض عجز الميزان التجاري خفض ميزان وبالتالي فان فقدانها أو ندرتها يؤثر على حياة الأسرة والأفراد ويقع في خانة «السلبيات المعيشية» ويزيد في عمليات  تهريبها الى الداخل دون جمارك وارتفاع أسعارها أضعافا مضاعفا ويؤدي الى ارتفاع معدلات التضخم.

فضلا عن ان التقشف برغم حسناته لم تكن سلبياته يوما الخيارالوحيد بين البدائل الاقتصادية المتعددة، حيث سياسة التقشف التي يرمز اليها عادة بحرف الـG الحرف الأول من اسم المهاتما Ghandi قد يكون أفضل منها السياسة المناقضة التي يرمز اليها أيضا بحرف الـG الذي تبدأ به كلمة Growth أو النمو. وقد يكون الملائم للبنان الساعي الى اقتصاد الانتاج دون التخلي عن اقتصاد الخدمات، اختيار الحل الوسط  بضبط الاحتياطيات وشد الحزام  وفي الوقت نفسه  اطلاق عجلة النمو عبر خفض الانفاق ولكن ليس الى حد... الاختناق!

.. و «والاختناق» كان أمس الأول في «طمأنة» رئيس لجنة المال النيابية ابراهيم كنعان اللبنانيين بانخفاض النفقات في  موازنة ٢٠٢١ والسبب كما قال ان الدولة لن تدفع الـ٩ آلاف ليرة فوائد الدفع العام ولن تخصص ميزانية للنفقات الاستثمارية، وسيقتصر الأمر على دفع الرواتب والأجور وملحقاتها ومصاريف الوزارات والادارات.. وذلك في تصريح لا يأخذ بعين الاعتبار ان أي امتناع من الدولة عن الدفع يحط من قدرها ومكانتها والثقة بها في الداخل والخارج، وان ايقاف النفقات الاستثمارية  يزيد الركود والكساد  ويوقف عجلة النمو ويرفع معدلات البطالة والفقر والمرض والجوع، لا سيما ان البلد يمر في مرحلة يحتاج فيها أكثر من وقت مضى الى نفقات استثمارية من قبل القطاع العام هي في ميزانيات الدول احدى وسائل الانتعاش في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما بعد ان تجمدت استثمارات القطاع الخاص وتوقفت قروض المصارف، وبالتالي فإن «البشرى» التي زفّها رئيس لجنة المال والموازنة بخفض العجز عبر وقف الاستثمار تخص «موازنة دولة» لا «موازنة شعب» وقد ميز بينهما ذات يوم  المرشح الفرنسي (الرئيس فيما بعد) فرانسوا ميتران خلال المعركة الانتخابية، عندما خاطب الجنرال ديغول قائلا : Mon General انت تعمل «من أجل فرنسا وأنا أعمل من أجل الفرنسيين»!