بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 تشرين الأول 2021 12:01ص حول مقال صحيفة Le Temps لماذا أبقى صندوق النقد تحذيره عن المصارف طيّ الكتمان؟!

حجم الخط
 «أنتم على شفير الهاوية» «Vous êtes au bord du gouffre» العبارة التي ذكرت الصحيفة السويسرية «Le Temps» ان موفدين من صندوق النقد الدولي حذّروا بها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن انكشاف الوضع النقدي والمصرفي في لبنان من ضمن تقرير قالت الصحافة ان سلامة انتزع منه ١٤ صفحة، الأمر الذي نفاه سلامة واصفا خبر الصحيفة بأنه «حملة شخصية» ضده وبهدف «تفشيل الجهود المبذولة لتعافي لبنان عشية الإعلان عن بدء المفاوضات الجديّة مع صندوق النقد الدولي».

والملاحظة الأولى ان ما تضمنه التقرير من تحذير عام ٢٠١٦ حول انكشاف الوضع النقدي والمصرفي في لبنان لم يكن جديدا أو ما يوجب أن يكون سريا. فمنذ ٢٠١١ عام الحرب في سوريا، وميزان المدفوعات في لبنان يتحوّل من فائض إلى عجز، والتحذيرات العلنية من مختلف الأوساط الاقتصادية تتواصل عن التراجع المتواصل في احتياطيات مصرف لبنان وفي دفق الودائع إلى المصارف اللبنانية.

والملاحظة الثانية انه ما دام مصرف لبنان حسب خبر الصحيفة السويسرية اجتزأ من التقرير الصفحات الـ١٤ بغرض إخفاء تحذير صادر عن مؤسسة نقدية عالمية، لماذا صندوق النقد الذي لا بد انه اطّلع على نص التقرير ناقصا منه الـ١٤ صفحة المشار إليها، أبقى الموضوع في طي الكتمان ولم يبادر إلى نشر النص بالكامل بحيث يطلع المودعون على ما تضمنه من تحذيرات بشأن مصير أموال ودائعهم.

والملاحظة الثالثة هي ان عدم تعميم هذه المعلومات المتعلقة بمصير هذه الودائع قد يعطي المودعين حق المساءلة إن لم يكن أيضا حق المقاضاة بشأن إبقاء النص الكامل للتقرير في خانة السرية بما يسبب أضرارا بالغة بالمودعين اللبنانيين والعرب عموما والأجانب في حال أدّى الانكشاف في احتياطيات مصرف لبنان والمصارف اللبنانية، إلى خسارة أو تجميد أو تقنين ودائعهم، كما حصل بالفعل منذ العام ٢٠١٩ خلال السنوات الثلاث الذي أعقبت تقرير الذي صدر تحت عنوان «Financial Sector Assessment Program FSAP» وتضمن توقعات الصندوق عن عجز مرتقب في الحساب الجاري في لبنان لـ٥ سنوات مقبلة بأكثر من ١٥% سنويا من الناتج المحلي الاجمالي، وعن انكشاف المصارف اللبنانية بسبب اعتمادها على استثمار جزء كبير من الودائع في سندات الخزينة اللبنانية، إضافة الى بلوغ عجز في مصرف لبنان في عام صدور التقرير، لا يقل عن 4,7 مليار دولار توازي نحو ١٠% من الناتج المحلي الإجمالي.

مع الإشارة إلى انه ومنذ أن أخذت تداعيات الحرب في سوريا ترخي بثقلها على ميزان المدفوعات في لبنان وعلى الحساب الجاري عموما، بدأ مصرف لبنان بما سمي بـ«الهندسات المالية» التي نقلت أجزاء كبيرة من أرصدة المصارف اللبنانية في الخارج بالدولار لزيادة احتياطياته بالعملات والتي باتت الآن مقتصرة تقريبا على الاحتياطي الإلزامي للودائع بنحو ١٣ مليار دولار، إضافة إلى إحتياطي الذهب البالغ حوالي ١٧ مليار دولار. وهي «الهندسات» التي لم تكن في حينه من قبل الصندوق موضع تحذير بل... ترحيب!