بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 آب 2021 12:01ص خفض «فيتش» تصنيف سندات لبنان تحذير من تعثّر «تحصيل حاصل»!

حجم الخط
خفض وكالة «فيتش» لسندات العملات الأجنبية الطويلة للبنان الى درجة «تعثر مقيد» Restricted Default الذي يسبق (Default) («تعثر نهائي» أو «الافلاس») بدرجة واحدة فقط، مرّ مرور «الكرام» دون أي هاجس أو ردود فعل قوية، وعكس ما كان يحصل قبل نشوب الأزمة النقدية - الاقتصادية الحاضرة عندما كان أي تخفيض لدرجة تصنيف لبنان من قبل الوكالات الدولية يحدث ردود فعل صاخبة في الوسط المصرفي والاقتصادي والسياسي. وكان مصرف لبنان والمصارف ووزارة المال يسارعون الى الرد على التصنيف بأن الوكالات الدولية لا تأخذ بعين الاعتبار قوة لبنان المصرفية والنقدية الحقيقية، وذلك في محاولة تجنّب تأثير التصنيف المخفض على ثقة المستثمرين والمودعين بمصارف لبنان خوفا من تراجع الاستثمارات وهروب الودائع. حتى أن بعض ردود الفعل أحيانا كان يذهب الى حد التشكيك ليس فقط بمصداقية الوكالات وإنما باتهام البعض منها بأن لديه مصالح مادية مع دول ومؤسسات يجري تصنيفها سلبا أم إيجابا في ضوء هذه المصالح، ووصل الوضع الى حد ان بعض المستثمرين لجأوا الى مقاضاة هذه الوكالات لأنها أعطت تصنيفات مبالغ فيها لسندات دول اشتراها المستثمرون استنادا الى هذه التصنيفات وثبت فيما بعد أن قيمتها أقل ما أدّى الى خسائر كبيرة طالب المستثمرون الوكالات الدولية بدفع تعويضات عنها.

وأما لماذا لم يلاقِ التصنيف الجديد المخفض من قبل وكالة «فيتش» لسندات العملات الأجنبية الطويلة الأجل للبنان (ltfc) ردود الفعل القوية التي كانت تحصل في الماضي، فلأسباب عدة بينها ان الدولة اللبنانية سبقت التصنيف منذ العام ٢٠١٩ وأكدته بتوقفها عن دفع «اليوروبوندز» المتوجبة عليها للمصارف ولمصرف لبنان وللمستثمرين اللبنانيين والأجانب كما توقفها حتى عن دفع الفوائد المتراكمة عليها، فاستحقت بذلك درجة «التعثر» حتى قبل صدور تقرير الوكالة الدولية، لا سيما أن لبنان ورغم مرور ما يقرب من عامين على الامتناع عن الدفع، لم يدخل حتى الآن في مفاوضات مع الدائنين الأجانب من حملة هذه السندات التي انهارت قيمتها السوقية بأكثر من ٨٠ الى ٨٥ %!

يضاف الى أسباب عدم حصول ردود فعل على تقرير الوكالة ان خفض التصنيف سبقه احتجاز المصارف لأموال المودعين بالدولار وإعادتها إليهم جزئيا بالتنقيط أو بالليرة اللبنانية وبسعر صرف للدولار أقل بخمسة أضعاف السعر في السوق الموازية. وأمام هذه الثقة المتدهورة بسندات لبنان وبقطاعه المصرفي، لم يعد هناك أي جديد في تقرير الوكالة الدولية الذي ورد فيه أن «سيولة العملات الأجنبية في المصرف المركزي السلبية لها تداعيات على المصارف والودائع»!!! بما هو معروف بما لا يحتاج الى تقرير أو تصنيف لأمر بديهي وتحصيل حاصل يشبه «تفسير الماء بعد الجهد بالماء»!

فأي مصارف يخشى عليها التقرير من المخاطر، وقد توقفت عن الاقراض والتسليف وعن فتح الحسابات الجديدة وتقفل الكثير من الحسابات القديمة ولم يعد يرد إليها أي ودائع جديدة؟! وأي ودائع قديمة وقد تبخر جزء كبير منها بالتضخم بـ٨٠% العام ٢٠٢٠ ويتسارع الى نسبة ١٠٠% العام ٢٠٢١ كما في تقديرات الوكالة التي رغم سلبيات كل هذه الأوضاع لم تقطع الأمل بل أبقت على تمنيات منها «أن يوفف مصرف لبنان استنزاف الاحتياطي الأجنبي بتوفير العملات الأجنبية للمستوردين بأسعار تفضيلية، وأن تعيد الدولة اللبنانية إعادة هيكلة المصارف والمديونية الأجنبية عن طريق إصدار سندات جديدة لتحل مكان السندات الحالية». وعندها كما ورد في التقرير، «ستحدد الوكالة تصنيفاتها المستقبلية بناء على تحليل تطلعي حول رغبة الدولة اللبنانية في الوفاء بالتزاماتها وقدرتها على تسديد ديونها الجديدة بالعملات الأجنبية» وبما لا يبقي بعد كل هذا الكلام سوى القول المأثور: «تفاءلوا بالخير تجدوه»!