بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 آذار 2021 08:19ص دعم مطلوب من دولة تحتاج إلى دعم!

حجم الخط
 «الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار لا بد من مواجهته باستعمال كل أساليب الضغط لتأليف حكومة. فنحن على طريق الانهيار التام وعلى طريق استمرار تدهور الليرة... الدعم اليوم يكلف الخزينة ٦ مليارات دولار سنويا، وأنا مع ترشيده ومع البطاقة التمويلية، لكي نحافظ على الـ١٦ مليار دولار الباقية من احتياطي أموال المودعين لدى مصرف لبنان».

هذه العبارة التي نمت عن مصارحة ومكاشفة من قبل وزير المال عن المصير الذي انتهى إليه نظام دولة تحتاج الى دعم ومطلوب منها أن تدعم نظام دولة جفف النهب والهدر عائداتها واستنزف الجزء الأكبر من احتياطياتها وادخارات شعبها، فكيف تستطيع دعم اقتصادها من صناعة وزراعة وسياحة الى علم وتربية وتدريب وتأهيل ومعرفة، والتي باتت هي نفسها تحتاج الى دعم وعجزت عن تأليف حكومة توقف النزيف وتمنع الانهيار بما يذكر بأحوال متصرفية جبل لبنان في عهد «داود باشا» المصري الأرمني الذي عندما تراكمت في وجهه معارضات الاقطاعيين في الداخل والصراعات الاقليمية والدولية في الخارج، شبه المشاكل بالوباء - على نموذج كورونا اليوم - وشبه نفسه بالطبيب، وخاطب اللبنانيين جميعا من معارضين وموالين قائلا:

«أنا وأنتم والوباء.. إذا عاونتموني قضينا على الوباء، وإذا لم تعاونني قضى الوباء علينا جميعا».

ونال داود باشا بسبب موقفه تأييد فرنسا وقلّده الملك نابوليون الثالث وسام جوقة الشرف، لكن الصراعات الدولية والأقليمية عادت الى المنطقة والى المتصرفية خلال فترة شهدت هجرة شباب لبنان الى مختلف أصقاع الأرض من مصر وأفريقيا الى البرازيل وأميركا، كما لبنان اليوم في أزمات متلاحقة أشدّ وأدهى، وسط مناكفات وانقسامات ومحاصصات وصفها كمال جنبلاط الذي تمرُّ الآن ذكرى استشهاده بأنها «فيما العالم المتقدم في تقدّم تقني هائل وتطوّر سريع، يغزو الفضاء بصواريخ كونية تصل الأرض بالمريخ.. يعيش بعض المسؤولين بيننا من سياسيين ورسميين في ورشة معزولة عن العالم متلهين بالصغائر في تسابق وتناحر لأجل الحصص والمناصب والمكاسب، وبفلان هاجم فلان وفلان حكى عن فلان وفلان أقصى وصرف فلان ويقاضي فلان، وهذا سارق لا يعاقب لأنه مسيحي أو لأنه مسلم، فيما الإسلام يعاقب اللصوص، والسيد المسيح لم يغفر لسارقي الهيكل ولا للطغاة والدجالين والفريسيين بل وصفهم بـ «أولاد الأفاعي والكذبة والزناة والخبثاء والقبور المبيضة في الخارج والنتنة في الداخل».

أو كما في وصف الشاعر العراقي أحمد الصافي النجفي لهم بأنهم كـ «البعوض الذي يمتص دماء الشعب»:

أبعوضة حطت على قدمي

وغدت تمتص دماي مص ظمي

أمهلتها حتى أرتوت فَهوَتْ

كفي عليها فعل منتقم 

مخاطبا الغنيٌ الذي جمع ثرواته من مال الشعب: «أغني انك كالبعوض دمي يجري بجسمك فانتظر نقمي».