الاجتماع الذي عقد أخيراً في بيروت بين الهيئات الاقتصادية اللبنانية ووفد الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية بمشاركة اتحاد الغرف العربية، يأتي بعد اللقاء الرئاسي المصري والأردني والعراقي في بغداد الذي وضع الأساس لتعاون في مختلف المجالات بين الدول الثلاث مفترض على الصعيد الاقتصادي أن يضم لبنان في إطار سوق مشرقية عربية على غرار السوق المشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي.
ولعل حجر الرحى في هذه السوق الصلة الوثيقة بين لبنان ومصر منذ الهجرة اللبنانية الأولى في القرن التاسع عشر الى مصر حيّث شكّل اللبنانيون من خلالها قيمة مضافة في إطار العلاقة التاريخية الحضارية الثقافية والاقتصادية بين البلدين، وكان من معالمها أخيراً تضافر جهود الفعاليات المصرية من الحكومة والقوات المسلحة والمجتمع المدني واتحاد الصناعات ومؤسسة الأزهر والكنائس لمساعدة لبنان إثر انفجار ٤ آب في مرفأ بيروت بما في ذلك اهتمام شركات مصرية بإعادة إعمار المرفأ وتطوير البنى التحتية، الى مجالات أخرى خصوصاً في ملف الكهرباء في لبنان، حيث هناك دراسات جدوى جاهزة لهذا الملف لدى شركات مصرية تمكنت، بالتعاون مع شركات ألمانية مثل سيمنس وسواها، من القضاء على كابوس مشكلة الكهرباء في مصر خلال سنة واحدة. إضافة الى اهتمام رجال الأعمال المصريين بدخول السوق الأفريقية عبر تعاون مشترك مع فعاليات الهجرة اللبنانية في القارة، في إطار الإستثمارات في كلا البلدين، والتي تشتمل على ١٧٠٠ مشروع استثماري لبناني في مصر بحوالي ٥ مليارات دولار أغلبها في القطاع الصناعي، احتل لبنان بها المرتبة الرابعة بين الدول العربية بعد السعودية والإمارات والكويت من حيث حجم الاستثمار في مصر التي شهدت على مدى بضع سنوات خطوات تنموية شملت تطوير البنى التحتية وإنشاء الموانئ وتوسيع قناة السويس وبناء العاصمة الإدارية الجديدة، إضافة الى مراكز تجارية كبرى ومطارات وإزالة العشوائيات والأحياء المعدمة وإحلال مكانها مدنا جديدة مجهزة بالخدمات والمدارس والمستشفيات وسواها.
وبالمقارنة بين هذه التطورات الاقتصادية والإنمائية وحجم التبادل التجاري بين البلدين، يلاحظ ضآلة هذا التبادل حيث لا تتخطى الصادرات المصرية السنوية الى لبنان الـ٥٤٧ مليون دولار مقابل ١٦٤ مليون دولار الصادرات اللبنانية الى مصر. وهو الموضوع الذي كان له الأولوية في مداولات الاجتماع الأخير بين الهيئات الاقتصادية اللبنانية ووفد الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية والذي تناول بشكل خاص كيفية تسهيل دخول المنتجات الصناعية اللبنانية الى السوق المصرية التي تنال فيها صادرات الصين وأوروبا وتركيا الحصة الرئيسية.