بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 تشرين الثاني 2021 12:01ص شهادة عن «طبقة سياسية لبنانية لا تأخذ فقر شعبها على محمل الجد»!

حجم الخط
أخطر ما في شهادة مقرر الأمم المتحدة الخاص بالفقر المدقع وحقوق الإنسان «أوليفييه دي شوتر» عن لبنان (الذي وصفه بأنه «بلد على شفير الانهيار») أنه «صدم بإنفصال المؤسسة السياسية اللبنانية عن واقع الذين يعيشون في فقر على الأرض» وأنه «في حين يحاول السكان البقاء على قيد الحياة يوما بعد يوم، فإن الحكومات اللبنانية تخذل شعبها ولا تأخذ محنته على محمل الجد، وتتجاهل الحاجة إلى سياسات اجتماعية من برامج قوية في الرعاية الإجتماعية وبنى أساسية للخدمة العامة»، وأنه «من المذهل التقصير في مسؤوليات القيادات السياسية التي تضيع وقتا ثمينا في التهرّب من المساءلة، وتركّز من على القطاعات غير المنتجة مكرّسة موارد هذه القطاعات بما في ذلك مضاعفات الدين العام لخدمة المصارف»! وان «صبر الدول المانحة ينفد مع الحكومة اللبنانية، بعد خسارة ٢٤٠ مليار دولار أميركي (موارد بالعملات الصعبة على مدى سنوات)» وأن «المجتمع الدولي لن يصدق التزامات بالإصلاح من قبل سلطة سياسية دمّرت العملة الوطنية والناس وأغرقت البلد في فقر مدقع، إلا إذا التزمت بشكل جدّي بمبدأ الشفافية وكشفت علنا عن جميع الإيرادات والحصص والمصالح المالية وخصصت الموارد لآليات المساءلة الحقيقية».

وتجاه هذه الصيحة الأممية الدولية، لم يكن رد فعل السلطة السياسية سوى التجاهل إلى حد اللامبالاة، وتكريس ما أسماه مقرر الأمم المتحدة «الانفصال بين هذه السلطة والشعب» بقرارات كان منها أخيرا الوقف التدريجي لكل أشكال الدعم المطبقة عبر مصرف لبنان منذ أيلول ٢٠١٩ خلال بضعة أسابيع حوّلت اللبنانيين من حالة الإذلال على محطات الوقود اإلى تضخم كبير في الأسعار نتج بشكل أساسي عن إرتفاع أسعار المحروقات بنسب تتعدى الـ١٠٠٠%!! ودون أي إعتبار لتأثير وتداعيات القرار على كل البنود المعيشية والإقتصادية من إرتفاع أكلاف النقل التي منعت موظفي وعمال ومتعاقدي القطاع العام والجزء الأكبر من العاملين في القطاع الخاص، من الذهاب إلى مقر أعمالهم، إلى ارتفاع كلفة استهلاك الغاز والمازوت والكهرباء في المنازل وفي الصناعات الكثيفة الطاقة التي دفعتها موجة التضخم وإرتفاع أسعار الدولار إلى المزيد من تسريح القوى العاملة لا سيما مع اشتداد الأزمة مع الخليج أو إلى الإقفال أو نقل المصانع إلى قبرص ومصر والعراق وتركيا وسلطنة عمان أو إلى استئجار مصانع في الخارج للإستمرار في الإنتاج والحفاظ على أسواق خارجية بنيت بالجهد والكد والعناء بعائدات مليارات الدولارات، مع الإحتفاظ في الداخل بالحد الأدنى من الإنتاج بما سيؤدي إلى ندرة السلع والمزيد من إرتفاع الأسعار، فضلا عن تراجع الواردات الضريبية التي كانت هذه المصانع تغذي بها ميزانية دولة تظن أنها بقرارات عشوائية إرتجالية ودون رؤية اقتصادية شاملة، ترفع عن كاهلها أعباء نفقات هي في واقع الأمر أقل من خسارة واردات على طريقة Firing Back أو الرصاصة التي ترتد إلى مصدرها بدل التوجه إلى هدفها! وبما سيؤدي ليس فقط إلى انخفاض الواردات وإنما إلى المزيد من تقلص الناتج الوطني وارتفاع فاتورة الإستيراد وسعر صرف الدولار والمزيد من الإعتماد على السلع الأجنبية ومن نسبة الفقر والعوز والبطالة.