بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 أيار 2021 12:01ص عيد العمال؟ بأي حال!

حجم الخط
ذات يوم في عيد العمل تمنّى رئيس دولة اشتراكية على العمال أن يتبرعوا بعمل يوم واحد دون راتب فاستجابوا وسارعوا الى شق الطرقات، وخلال زيارته لهم مرَّ مواطن بسيارة فارهة فقال لهم الرئيس: «سأحقق لكم اشتراكية المساواة وأجعل هذا الرجل مثلكم» وعندها قفز عامل من بين الصفوف والعرق يتصبب من جبينه وقال له: «نرجوك سيادة الرئيس لا تجعل هذا الرجل مثلنا بل اجعلنا مثله»!

صورة رمزية عن مشكلة عمرها عشرات مئات السنين منذ ثورة عمال السخرة بقيادة «سبارتاكوس» اليوناني و«يونس» السوري ضد الاقطاع في روما، الى ثورات فرنسا وألمانيا وروسيا والصين مرورا بثورة جبل لبنان بقيادة الفلاح طانيوس شاهين... وصولا الى الانتفاضة الشعبية اليوم في لبنان التي شهدت عيد يوم عمال جديد في ظروف محنة اقتصادية - اجتماعية لم يشهد لبنان مثيلا لها منذ مجاعة الحرب العالمية الكبرى، في ارتفاع معدل الفقر الى ٥٥% والفقر المدقع الى ٢٨% والبطالة الى ٦٥% وتباطؤ حركة التوظيف ٧٠% وأسعار المواد الغذائية المستوردة وغير المدعومة ٤٠٠% وانهيار الحد الأدنى الشهري للأجر مما يعادل ٤٥٠ دولارا الى:

لبنان ٥٠ دولارا - لكسمبورغ ١٩٨١ دولارا - المغرب ٣٢٥ دولارا - ألمانيا ١٧٩٥ دولارا - الأردن ٣١١ دولارا - فرنسا ١٧١١ دولارا - العراق ٣٠٠ دولار - بريطانيا ١٥٠٠ دولار - الجزائر ١٨٠ دولارا - بنغلادش ٩٥ دولارا - مصر ١١٥ دولارا - أفغانستان ٦٧ دولارا - سري لانكا ٦٢ دولارا

فيما يستمر الانخفاض في حجم الناتج الاجمالي في عام واحد من ٥٥ مليار دولار الى ١٨ مليار دولار، وترتفع أسعار مختلف السلع المعيشية والضرورية، مع ازدياد معدلات التضخم بارتفاع كميات النقد المتداولة من نحو ١٠ ترليون الى أكثر من ٣٠ ترليون ليرة لبنانية مضافا إليها ما لدى المصارف من ودائع الليرة «غب الطلب» وما تدفعه المصارف بالليرة أيضا مقابل ودائع الدولار، بما ينتج المزيد من التضخم الإضافية بأرقام قياسية، حيث الكتلة الضخمة والمتعاظمة من الليرات تسعى باستمرار الى «اصطياد» شح متواصل من الدولارات في اقتصاد كان يعتمد وما يزال على التحاويل الخارجية والقروض والمساعدات والهبات العربية والدولية، ويغلب عليه الاستيراد، بما يتسبب باستمرار في انخفاض متسارع في كميات السلع والخدمات في سباق «ماراتوني» بين الناتج والتضخم، بما يشبه حالة رجل عجوز يطارد على عكازين مهشمتين أرنبا سريع الحركة، كلما استمرت المطاردة ازدادت المسافة بينهما الى ما لا نهاية!

وأمام هذه الأزمة النقدية - الاقتصادية التي تصيب في الصميم مئات آلاف العمال في مئات النقابات المهنية وعشرات الاتحادات العمالية ومئات آلاف المؤسسات الكبرى والمتوسطة والصغرى في مختلف قطاعات الانتاج والخدمات، لا يمكن الحل لا على طريقة رأسمالية غير ناضجة أو متوحشة ولا عمالية مرتجلة «إنسانية» في الظاهر «شعبوية» في المضمون (كان يطلق عليها ماركس صفة المراهقة اليسارية والرثة Lumpen بالألمانية). وإنما بمعطيات موضوعية وعلمية لا تعطي القوى العاملة زيادات «ورقية» ومكتسبات وهمية على طريقة سلسلة الرتب والرواتب، ولا تبقي على امتيازات احتكارات تجارية بحماية اقطاع محاصصات سياسية.