بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 آب 2021 12:01ص فراغ مالي - نقدي بانتظار حكومة ثقة دولية - عربية

حجم الخط
الأهمية الرئيسية للضرورة الملحّة والقصوى للإسراع بتأليف الحكومة المرتقبة هي في ان كلا من السلطتين المالية والنقدية لم يعد لديهما الأدوات الممكن بها معالجة أوضاع اقتصادية نادرة المثيل في لبنان منذ المحنة الكبرى في الحرب العالمية الأولى.

وعلى الحكومة «الفدائية» المرتقبة أن تواجه هذا الفراغ الاقتصادي الهائل بأدوات لم تعد موجودة. فالسلطة المالية المتمثلة بوزارة المال، وبسبب الصعوبات الاقتصادية المتردية وفقدان الثقة بالنظام السياسي وبالطبقة السياسية، لم تعد قادرة عل إصدار سندات سواء لامتصاص التضخم أم لاستدراج سيولة بالليرة الوطنية أو بالعملات الأجنبية، وذلك بعد أن انهارت القوة الشرائية لسندات الليرة وباتت الدولة تكتفي بدفع ما عليها من فوائد، ولا هي قادرة على إصدار سندات بالعملات الأجنبية بعد أن امتنعت الدولة عن دفع القيمة الأصلية من «اليوروبوندز» وفوائدها المستحقة الآنية والآجلة.

كما ان السلطة النقدية المتمثلة بالبنك المركزي لم تعد بدورها قادرة على تحقيق أهدافها الرئيسية الثلاثة: الاستقرار النقدي، حفز النمو الاقتصادي، وخفض البطالة عبر توفير فرص العمل، وذلك عبر استخدام أدواتها التقليدية الأربع: تحديد سعر الفائدة ارتفاعا أم انخفاضا حسب المتطلبات الاقتصادية سواء عبر الفائدة العالية لامتصاص الفوائض النقدية ومنع خروج الأموال وتشجيع الادخار، أم عبر الفائدة المنخفضة لتشجيع الاستثمار، أو بإصدار شهادات إيداع بالعملة المحلية لخفض فائض التداول النقدي، أو عبر الاحتفاظ باحتياطيات نقدية عالية بالعملات الأجنبية (من خارج الاحتياطي الالزامي) لتدخل بها في السوق المالية كلما دعت الحاجة للحفاظ على معدلات اقتصادية صحية لسعر صرف العملة الوطنية سواء لاجتذاب الاستثمارات والسياحة الى الداخل أو للحفاظ على المزايا التفاضلية التنافسية مع الخارج.

والمشكلة ان كل هذه الأدوات في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية الحاصلة قد فقدت. فلا وزارة المال لديها من الواردات الكافية ما تسدّ به العجز أو تستبدل به المديونيات أو تنفق منه على البنية التحتية ما تتطلبه الاستثمارات. ولا البنك المركزي لديه من الاحتياطيات ما يتدخل به في السوق المالية لمنع الدولار من سحق العملة الوطنية أو لاستخدام سعر الفائدة العالية لاجتذاب الادخارات أو المنخفضة لتشجيع الاستثمارات.

وهكذا لن يبقى أمام الحكومة المرتقبة لاجتراح الحلول سوى الثقة المحلية والاغترابية والعربية والدولية برئيس وزرائها وبطاقم مميّز من وزراء خبرة ومهارة وموهبة واختصاص بحيث تشق طريقها في حقول مدشمة بالعراقيل والعقبات السياسية والصراعات بين المصالح الحزبية والمنافع الفئوية والشخصية.