أين يقع لبنان في خانة الدول التي يتحدث عنها أشرف غني رئيس أفغانستان عام ٢٠١٤ البروفسور الجامعي والمرشح السابق للأمانة العامة للأمم المتحدة ورئاسة البنك الدولي في كتاب له ركّز فيه بشكل خاص على التجربة الاقتصادية في عشرات الدول التي برغم مواردها الطبيعية الأرضية والجوفية من المعادن الثمينة والرخام والنحاس والحديد والبترول والغاز الى الفاكهة والخضار وسواها، والقدرة الهائلة على التصدير، ما زالت مع ذلك عاجزة عن توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة والعيش لمواطنيها!
وأهم ما في الكتاب انتقاده للهيئات والمؤسسات الدولية من الأمم المتحدة للصندوق والبنك الدوليين والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة التي تتعامل وتعقد الإتفاقات المالية بالقروض والمساعدات والهبات إلى أنظمة سياسية فاسدة لا تمثل شعوبها بل تنهب وتهدر ثروات هذه الشعوب التي تتراجع أوضاعها الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية عاما بعد عام وتتجه بشكل متسارع إلى أدنى درجات الفقر والبطالة والمرض والجوع. ويقدر عدد سكان هذه الدول بـ ٢ مليار نسمة في نحو ٢٠ الى ٤٠ دولة يشكّلون نسبة كبيرة جدا من سكان العالم.
ويعطي المؤلف في كتابه الذي حمل عنوان «إصلاح الدول الفاشلة» Fixing Failed States وشاركت فيه الخبيرة Clare Lockhart نماذج عن هذه البلدان في بلده أفغانستان، وهايتي، وشرق تيمور، والعراق والسودان والصومال ونيبال، ودول في آسيا الوسطى، وأفريقيا التي يقول انه رغم المساعدات التي تلقتها بأكثر من ٣٠٠ مليار دولار ما زالت تعاني من الحروب العبثية والإضطرابات الأمنية والعدوى الوبائية حيث نحو ٢ مليون طفل يموتون من «الإيدز» سنويا و٣ آلاف من الملاريا يوميا و٤٠ مليونا بلا مدارس ولا تعليم. وحول نماذج عن الفساد يضرب مثلا من بلده أفغانستان حيث يضطر المواطن أحيانا إلى أن يدفع عن معاملة حكومية ما يعادل ٨ دولارات تشكّل ٥٠% من راتبه الشهري!
وعن منطقة الشرق الأوسط يتحدث الكتاب عن انتشار موجة الفساد والبيروقراطية والإضطرابات الأمنية في عديد البلدان العربية وتأثيرها على التنمية والإستثمارات.
ومقابل ما يسميه التجارب في ما يسميه «الدول الفاشلة» عنوان الكتاب، هناك التجربة الناجحة في بلدان أخرى في طليعتها سنغافورة التي تحت قيادة «لي كوان يو» الذي بدل الوقوع في أحضان النموذج الغربي في القروض الأجنبية والشروط الدولية القاسية، لجأ الى فكرة الإعتماد على الذات في تجربة وطنية فذّة، رفعت متوسط الدخل السنوي للفرد من ٣٠٠ دولار في الخمسينيات إلى أكثر من ٣٠ ألف دولار الآن!