بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 حزيران 2021 12:01ص قروض صندوق النقد بـ «مساحيق» إصلاحية تزيد في حجم المديونية

حجم الخط
وسط ظلمات المحنة الاقتصادية، تشخص آمال اللبنانيون الى نقطة ضوء في إمكانية أو احتمال الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي يفتح الطريق الى قروض إضافية من الصناديق العربية والأوروبية.

وفي حين تشترط جملة هذه الصناديق إصلاحات حقيقية أساسية على مختلف المستويات المالية والنقدية والإدارية والهيكلية للدولة، لن يكون بوسع أي حكومة تقديم أكثر من إصلاحات جزئية أو خارجية تجميلية Cosmetic حيث الطبقة السياسية التي تسببت بالأزمة لن تقدم أو تتجرّأ على إصلاحات تهدّد مكتسباتها واستمراريتها في الحكم.

والمشكلة انه إذا حصل واستحوذت هذه الطبقة بوضعها الحالي وبإصلاحاتها الجزئية على قروض، فإن أوضاع لبنان قد تنتهي إلى اسوأ مما هي عليه اليوم!

والدليل الواضح الأسلوب والطريقة التي تعاملت بها الدولة مع مقررات مؤتمر باريس٣ التي لم تترافق مع أو تسفر عن تحقيق الوعود الإصلاحية المقدمة من قبل الدولة اللبنانية للدول المشاركة في المؤتمر الذي كان من حصيلته 7,69 مليارات دولار منها 1,3 مليار دولار قروض للقطاع الخاص تمر عبر القطاع المصرفي و1,3 مليار دولار لدعم الموازنة و٧٥٠ مليون دولار منح. وأما الرصيد الباقي 4,3 مليار دولار فكان مرتبطا بإصلاحات لم تتحقق، فكانت النتيجة كما يشرحها خبير صندوق النقد الدولي السابق الدكتور منير راشد، ان التراكمات على الدين العام رغم مقررات باريس٣، المتوقعة في حينه للعام ٢٠١١ بنحو 11,8 مليار دولار لتمويل العجز المالي الناتج عن الانفاق المالي المترافق مع الإصلاحات الموعودة (هذا عدا المدفوعات الإضافية عن إرتفاع خدمة الدين العام) سترفع مجموع الدين العام في حينه الى ٥٢ مليار دولار. وكانت النتيجة ان هذا المجموع في غياب الإصلاحات ورغم مساعدات المؤتمر ارتفع أكثر مما هو متوقع واستمر في الإرتفاع حتى بات اليوم يكاد يلامس إلى ١٠٠ مليار دولار.

والدرس في الحالة الراهنة الآن هو ان الإصلاحات إذا جاءت جزئية أو شكلية في ظل أي حكومة جديدة، فسوف تكون القروض الدولية الجديدة - هذا إذا حصلت - أعباء إضافية على اقتصاد لبناني يعاني من ما يسميه الدكتور راشد «ثغرات وتشوّهات» منها إن الإنتاج في هذا الاقتصاد عبارة عن خدمات غير مستقرّة، وان الصناعة فيه التي كانت صادراتها قد نَمتْ واتّسعت في مرحلة السبعينيات غير مستغلة كفاية، فبعد أن بلغت في العام ١٩٧٠ نحو ٧٠٠ مليون دولار لم تتقدم بعد أكثر من نصف قرن بأكثر من ٥ الى ٦ أضعاف. وهذه الزيادة ليست كلها نموا وذلك بسبب فوارق ضعف الدولار في تلك المراحل، في حين كان يفترض أن تزيد هذه الصادرات أكبر من هذه النسبة. لكن هذا لم يحصل. مع ان لبنان استفاد أحيانا من ارتفاع اليورو لجهة صادراته الى منطقة اليورو.

ومن الثغرات والتشوّهات أيضا ان مصادر إيرادات الخزينة اللبنانية تعتمد بصورة رئيسية على الضرائب غير المباشرة (ضريبة القيمة المضافة والجمارك الخ..) إضافة الى اعتمادها على إيرادات غير ضريبية (مثل الهاتف الخليوي ورسوم التبغ والبنزين الخ..) علما ان ضريبة مثل القيمة المضافة هي من النوع الـRegressive الذي تقع أعباؤه على الفقير. في حين ان الاعتماد في الدول المتقدمة والى حد بعيد في الدول النامية هو على الضرائب غير المباشرة والـProgressive التصاعدية.

ويضاف الى الثغرات والتشوّهات عدم التوازن في هيكل الانفاق العام الذي حوالي ٠ ٣٠% منه فوائد على المديونية العامة ونسبة عالية على انفاق قطاع الكهرباء الذي يحتاج الى إصلاح، خصوصا أن تعرفة الكهرباء هي من بين التعرفات الأعلى في المنطقة والأعلى في العالم. مثلما ان من التعرفات الأعلى في لبنان أكلاف مخابرات الهاتف الخليوي التي وسواها تضاف إلى ارتفاع كلفة الخدمات، فضلا عن تفاقم الفساد وغياب خدمات الحكومة الإلكترونية، مضافا الى كل هذه الثغرات والتشوّهات، غياب الإحصاءات الدقيقة التي لا يمكن دونها الوصول الى حسابات ونتائج وحلول أو سيناريوهات دقيقة، وهذا إلى جانب ضعف الإدارة والإرادة الحكومية.