بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 تشرين الثاني 2021 12:01ص كي يُملي لبنان ولا يُملى عليه في المفاوضات مع الصندوق الدولي

حجم الخط
طريقة لبنان في التعاطي مع صندوق النقد الدولي والخطاب الذي يستخدمه المسؤولون اللبنانيون للحصول على قروض من الصندوق وأسواق المال العالمية، من احتياطي «صفر» وقطاع مصرفي مشلول لا يصله ودائع ولا يعطي القروض، ودين عام قياسي عالمي وعجز في ميزان المدفوعات والميزان التجاري وارتفاع هائل في أسعار سلع المعيشة والخدمات وإنهيار في القوة الشرائية للعملة الوطنية ومعدلات مروّعة في الفقر والعوز والبطالة والهجرة ومن طبقة سياسية إستنزفت الثروات الوطنية والموارد المالية وفوائض الموازنات العامة وإيداعات المقيمين والمغتربين، فلم يبقَ للبنان سوى خيار واحد هو الصندوق الدولي وجواب واحد هو القبول بالشروط المفروضة عليه ودون أي سلاح أو قوة تفاوضية أو أي مناعة حرمه منها نظام حكم يمتهن التسويف ويمعن في التأجيل حتى لم يبقَ للإنقاذ سوى الصندوق. وحتى لو حضرت القروض ستبقى مشكلة التنفيذ السليم قائمة ورغم أي رقابة لم تمنع يوما النهب والسلب الهدر والفساد.

وبالمقارنة مع طرق دول أخرى في التعاطي مع الصندوق ومواجهة شروطه، لا يتوافر لدى لبنان الحد الأدنى من الأرقام والمعطيات كي يملي شروطا بدل أن تملى عليه. مقارنة على سبيل المثال مع الجزائر التي لديها من الإحتياطيات النقدية من العملات الصعبة الآن تفوق الـ٤٤ مليار دولار وواردات خزينة لهذا العام تكفي دون المس بالاحتياطيات، ونمو متوقع للعام ٢٠٢٢ بمعدل ٤%، بما أتاح للرئيس الجزائري عبد المجيد باتون الشهر الماضي التصريح بأن «صندوق النقد الدولي يحاول تسطير الطريق لكي يدفع الجزائر للاستدانة. والإستدانة بالنسبة لنا تعني الإنتحار، ونحن لن نقدم عليها. وتوصيات الصندوق نسمعها وليس بالضرورة أن نستجيب لها».

ومثل هذا الخطاب الذي تسمح به أرقام ومعطيات مالية ونقدية منيعة، لم يعد لدى «الدولة اللبنانية المصنفة اقتصاديا وهيكليا بالـFailed «الفاشلة» القدرة على التوجه به إلى صندوق النقد الدولي، إلا إذا سبق المفاوضات إكتساب قوة جديدة بإصلاحات مالية ونقدية ومصرفية وهيكلية تعيد الثقة المحلية والخارجية عبر خفض العجز المالي وضبط الدين العام ولجم الفوائد واستخدام الفوائض في عملية التنمية المستدامة وتصحيح موازين المدفوعات والحساب التجاري والجاري والإصلاح الإداري واعتماد مبدأ الكفاءة في الوظائف والرواتب والعلاوات وسلامة وقانونية المناقصات وكسر الإحتكارات وتوفير المزيد من فرص العمل والتعليم والتدريب وتعزيز شبكة الأمان الإجتماعي وتحسين علاقة لبنان مع محيطه العربي وإستعادة الثقة المحلية والعربية والدولية.

ودون ذلك فإن لبنان في علاقته مع الصندوق الدولي لن يكون الطرف الذي يملي بل الذي يملى عليه عملا بقاعدة «Qui Donne Ordonne» الشهيرة.