بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 أيلول 2021 08:21ص كيف يصمد اقتصاد أغنياء وسط بحر من الفقراء؟!

حجم الخط
 الاحصاءات الأخيرة عن الانخفاض الكبير في قيمة الاعتمادات المستندية الاستيرادية عبر القطاع المصرفي تعتبر مؤشرا مهما عن التحوّل المتواصل في اقتصاد لبنان باتجاه تهميش الى حد سحق الطبقة الوسطى والطبقة الفقيرة. ونسبة الانخفاض الهائلة البالغة ٩١% في قيمة هذه الاعتمادات تدل على ان غالبية السلع المستوردة مخصصة من حيث النوع والصنف والأسعار لأصحاب المداخيل العالية الذين يشكّلون نسبة ضئيلة جدا من مجموع السكان ولا يمكن لنحو ٩٠% من السكان تحمّلها. وبالتالي فإن اقتصاد لبنان يتجه الى أن يكون «اقتصاد أغنياء» بما يزيد أكثر فأكثر في الفوارق بين الطبقات باتجاه اضطرابات أمنية - جنائية يدل عليها ارتفاع عدد عمليات السلب والسرقات خلال عام و٨ أشهر من ٣٦٤٧ عملية الى ٩٠٠٠ عملية!

والتقرير الأخير لوكالة التصنيف الدولية «موديز» يزيد في التأكيد على تقديرات البنك الدولي بأن نصف عدد سكان لبنان تحت خط الفقر! وأن الأزمة التي يمرّ بها لبنان الآن أصبحت أكثر ثقلا نتيجة الإرتفاع الكبير في مستويات التضخم التي بلغت النسبة الأعلى عند ١٥٤% سنويا في الفصل الأول من هذا العام مقارنة بمتوسط سنوي ٨٥% في العام الماضي، و2,9% فقط في العام ٢٠١٩!!

والسبب الرئيسي لهذا الإرتفاع الضغوطات المتواصلة على أسعار صرف الدولار التي تخطت الـ٢٠ ألف ليرة، ما أدّى الى تقلص الاستيرادات وندرة السلع وارتفاع الأسعار بما ليس لدى أكثرية السكان القدرة على تحمّله حتى خلال الدعم، فكيف خلال ما بعد رفع الدعم الذي «سيكون استمراره صعبا حتى بالنسبة للسلع الأساسية كالقمح والفيول والدواء» حسب تقرير «موديز»، بسبب «الاستنزاف السريع للاحتياطيات بالعملات الأجنبية لدى البنك المركزي الى 15,7 مليار دولار لغاية نهاية أيار ٢٠٢١ مقارنة بـ26,4 مليار دولار نهاية أيار ٢٠٢١.

وهذا الاستنزاف للاحتياطيات، مع اقتصار الدعم على السلع الاستراتيجية الأساسية، أدّى الى تقلص استيراد عدد كبير من السلع المميّزة التي تتحمّل أسعارها العالية الطبقات الميسورة، فيما الطبقات الفقيرة تستبدل السلع الصحية الغالية الثمن بسلع رخيصة كثيرة غير صحية. ودليل تقلص الاستيراد احصاءات مصرف لبنان عن انخفاض بنسبة ٩١% في قيمة الاعتمادات المستندية الاستيرادية عبر المصارف خلال ٥ شهور من هذا العام الى 24,7 مليون دولار مقابل 226,4 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي. علما ان مجموع قيمة هذه الاعتمادات الاستيرادية انخفض من 5,657 مليار دولار خلال العام ٢٠١٩ الى ٣٤٢ مليون دولار خلال العام ٢٠٢٠ غالبيتها استيراد سلع غالية الثمن تستهدف الاستهلاك من قبل الطبقات الميسورة. فيما الطبقات الفقيرة تواجه ارتفاع مختلف أنواع السلع المستورد منها وغير المستورد، لا سيما السلع الغذائية التي ارتفعت أسعارها بنسبة ٥٠% خلال أقل من شهر. ومنها سعر كيلو الحليب بارتفاع من ١٠ الى ٢٥ ألف ليرة، وكيلو اللبن من ٢٠ الى ٣٠ ألف ليرة، وكرتونة البيض من ٢٠ الى ٥٠ ألف ليرة، مع ارتفاع في متوسط سعر الزيت النباتي الى ٤٠ ألف ليرة، ومتوسط أسعار كل من العدس والحمص والفاصوليا والفول الى أكثر من ٢٥ ألف ليرة، وعلبة السردين الى ١٥ ألف ليرة، وعلبة التونة وزن ٢٠٠ غرام الى ٣٠ ألف ليرة، وكيلو اللحم البقري الى ١٥٠ ألف ليرة وكيلو لحم الغنم الى ٢٥٠ ألف ليرة وكيلو قطعات الدجاج الى ٧٠ ألف ليرة. والأسباب الرئيسية لهذا الإرتفاع ندرة السلع وجشع الاحتكار وجنون الدولار.