بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 حزيران 2021 05:59ص لا حكومة لا إصلاح لا اقتصاد بل مزيد من الفقر والفساد!

حجم الخط
مع استمرار تعثر تشكيل حكومة وتعرقل أي إصلاح وازدياد حالة «عدم اليقين» العدو الأكبر للاستثمار وفرص العمل، تتجه الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الى مزيد من «التحالف الجهنمي» بين التضخم الناتج عن هبوط الانتاج والكساد الناتج عن تراجع الطلب وانخفاض القوة الشرائية أو ما يسمّى بـStagflation بما يؤدي الى توقف الاستثمار وازدياد الفقر والبطالة.

وزاد الملح في الجرح ارتفاع كمية النقد في التداول بنحو ٧ أضعاف من حوالي ٥ ترليون ليرة عام ٢٠١٧ الى حوالي ٣٥ ترليون ليرة الآن. ما رفع التضخم وسعر صرف الدولار وزاد في جنون الأسعار وخسرت العملة الوطنية أضعاف قيمتها وازدادت أكلاف المعيشة على الأسرة المؤلفة من ٥ أشخاص بثلاثة أضعاف من ٤٥٠ ألف ليرة الى مليون و٢٥٠ ألف ليرة شهريا فيما المعدل الوسطي للراتب الشهري لـ٧٠% من مجموع العاملين أخذ يتراوح بين 1,5 مليون و٣ ملايين ليرة وبات ٥٥% من السكان فقراء منهم ٢٥% دون خط الفقر و٤٥% دون تغطية صحية إلا ما يمكن أن توفره لهم أحيانا ميزانية محدودة جدا لوزارة الصحة.

ومثل هذه الحال تسعى الدول الطبيعية المتقدمة والقادرة الى مواجهتها على الطريقة «الكينزية» بضخ أموال «مؤقتة» في جسم الاقتصاد بما يؤدي الى المزيد من الانتاج ومن فرص العمل. لكن المشكلة في لبنان الآن ان أي حكومة حالية أو مقبلة لم تعد تملك لحل الأزمات هذا السلاح الناجح والناجع. فالناتج الإجمالي يضمر وعجوزات ميزان المدفوعات والموازنات العامة تتواصل، والارتفاع في الدين العام بلغ معدلات قياسية باتت الأعلى بالنسبة الى الناتج الاجمالي بين كل بلدان العالم. وزاد الأمر سوءا توقف الدولة عن دفع ما عليها سواء من مستحقات بالعملة الأجنبية للدائنين الأجانب والمحليين أم بالعملة المحلية للمتعهدين والمتعاقدين والمقاولين وللضمان والمسشفيات ومقدمي الخدمات. وساء الأمر أكثر ان القطاع المصرفي الذي يوصف عادة بـ «الدينامو» المحرك لعجلة الاقتصاد طارت أو تجمدت فيه الودائع وبات في حالة عقم وشلل بل في «مطلوبات» أكثر منها «موجودات» بدلا من أن تضخ قروضا وتسليفات باتت هي المحتاجة الى مؤونات.

حتى ليكاد ما ينطبق على حال لبنان، عبارة «الرجل المريض» الوصف الذي أعطاه العالم للأمبراطورية العثمانية قبل انحلالها وانهيارها تحت أثقال فساد سياسي وشلل في الناتج الزراعي والصناعي مقابل هجمة الانتاج الأوروبي ما تسبب في عجز مالي زادته حدة وخطورة مسلسلات قروض من مصارف وصناديق أوروبا بلغت فوائدها في موازنة ١٨٧٤ أربعة أخماس وارداتها!! ما أدّى الى إعلان إفلاس رسمي بعد عام واحد في العام ١٨٧٥ والى السقوط والانهيار بعد ٤٠ عاما بشكل كامل تحت سنابك عجز مالي ودين عام، وبما هو الدرس البليغ للبنان الذي وخلال مدة ٤٠ عاما ارتفع دينه العام بأكثر من ٣٠ ضعفا من ٣ مليارات دولار الى ما يقترب من ١٠٠ مليار دولار الآن!