بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 تموز 2020 07:11ص ميشال شيحا قبل ٧٠ عاماً: اللبنانيون لا يقرضون دولتهم بسهولة لأنهم يخشون من تبذيرها

حجم الخط
أساس الأزمة هي في بنية نظام. وحلّها بحكومة بعد حكومة هو نوع من «فالج لا تعالج» وفي أحسن الأحوال حبوب  مسكنات.

فالانحدار الكبير خلال الأزمة الاقتصادية الحالية لم يبدأ مع الانفجار الشعبي في ١٧ تشرين الأول ولا مع جائحة الكورونا، وإنما دفعت به هذه الأحداث الى دائرة الضوء، فيما هو حلقة من مسلسل طويل كانت خلاله أكثرية اللبنانيين على مرِّ السنين تتهالك بالتدريج تحت مختلف الضغوطات بدءا من الخمسينيات والستينيات، ويوم كان ٥٠% من اللبنانيين قبل ١٠ سنوات من الحرب الأهلية ينالون ١٨% فقط من الدخل القومي، وكانت البيروقراطية والرشوة والفساد والمحسوبية تعصف بالإدارات الحكومية، وكانت كل هذه العوامل من الأسباب التي ساهمت في تفجير احداث ١٩٥٨ الدموية وطوال الربع قرن الذي تفجّرت بعده حرب ١٩٧٥ الأهلية. ومن صورة الأحوال الاقتصادية والاجتماعية في تلك الفترة محاضرة في نادي خريجي جمعية المقاصد الإسلامية لكمال جنبلاط قبل ٦٠ عاما من الآن، يصف  فيها حالة الفقر والتخلف تتزايد وسط أزمات سكانية واجتماعية صعبة، من عكار وجبالها  الى  سير الضنية ومن البقاع الغربي الى الجنوب، ومن عاليه والشوف واقليم الخروب الى جرود كسروان وبرج حمود،  وحتى الى  أحياء  بيروت من وطى المصيطبة وشرشبوك الى صبرا والكرنتينا والكمب الأحمر ومن حي الطمليس الى العلية واللجا وصولا الى ما يسمّى بأحياء العانوتي والمناصفي والسريان والغلغول.

وحتى قبل ١٠ سنوات من محاضرة جنبلاط  كتب ميشال شيحا عن ما يشبه اليوم في  فقدان ثقة المواطن اللبناني في دولة تبدد المال العام، قائلا ان اللبنانيين (حتى خلال تلك الفترة قبل ٧٠ عاما من الآن!) لا يقرضون دولتهم بسهولة، لأنهم يخشون من تبذيرها. حتى ان ميشال شيحا يكاد يتحدث عن هذه اللحظات في قوله أن الدولة عندما تستدين وتنفق الكثير سوف لن تستطيع الوفاء بالتزاماتها فتلجأ عندها الى خفض عملتها الوطنية  وتدمير  مدخرات مواطنيها»، أليس هذا ما يحصل اليوم؟

وأليس هذا ما كان يخشاه اللبنانيون من دولتهم على مر الزمان، وصولا الى ما فعلته بهم دولتهم الآن في أزمات كانت دائما وما تزال مشكلة نظام ومؤسسات لن تحلها  تحالفات وتركيبات حكومات.

والبطريرك الراعي على حق في قوله الاسبوع الماضي: «ان الأزمة السياسية في لبنان هي التي ولدت الأزمة الاقتصادية والمالية والمعيشية والاجتماعية». وقبل عشرات السنين قال الاقتصادي الشهير Edmund Burke «النظام السياسي السليم هو الأساس في كل شيء». Good order the foundation of all things.