بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 آذار 2020 12:03ص هناك طرق متعددة لـ Hair Cut

حجم الخط
«لبنان لن يلجأ الى Hair Cut» هذا هو الجواب الذي ردده الكثيرون من الحكومة الى وزارة المال الى مصرف لبنان، وبدءا برئيس مجلس النواب الذي أعلن أخيرا «أن تنفيذ الـ Hair Cutلن يمر ولو صدر قرار عن الحكومة». والبيان المنسوب زورا الى مجلس الوزراء بحسم 25% من ودائع المقيمين و75% من ودائع غير المقيمين، لا يعني أكثر من الحروف التي استخدمت لتزويره، ليبقى السؤال: هل الـHair Cut أسلوب «السطو» الوحيد على الودائع في العالم.

في المفهوم الاقتصادي الصرف، هناك عمليات «سطو» على المال متعددة سواء المال المودع أو المدخر في المنازل، وفي حالات سابقة أو حالية أو مستقبلية في العالم، ولو بصورة غير مباشرة، يمر عادة لدى أصحاب الادخارات مرور «الكرام» دون انتباه ودون ضجيج، ومنها على سبيل المثال:

1 ـ أوضاع اميركا الاقتصادية ودينها العام الذي بات يقترب من 20 الف مليار دولار، والميزانيات العسكرية المرتفعة باستمرار لحروبها في العالم، أضعفت دولار المودع والمدخر لدرجة انه خلال 40 عاما خسر الدولار نصف قوته الشرائية. وبالتالي فان من حملوا عملة أميركا كانوا ضحية سرقة أموالهم وبطريقة «شرعية» و»قانونية»!!

2 ـ التضخم الدوري الذي يصيب أسعار المعيشة بسبب هيمنة قلة من المؤسسات في العالم على أسعار المواد الأولية والغذائية والاستهلاكية عموما يؤدي الى «سرقة» أجزاء كبيرة من أموال حاملي الدولار أو سواه من العملات التي يشتري بها الناس عادة سلع البلدان التي تصدر تلك العملات.

3 ـ الكوارث الدورية والموسمية في البورصات العالمية، رغم انها تعمل «شكلا» في ظل القانون، الا انها تؤدي في النهاية الى خسارة مئات مليارات دولارات وحتى من أموال وودائع الأذكياء، وفي «سرقات مبررة» من قبل أصحابها، وغير المبررة لا أخلاقيا حتى ولا قانونيا. فلا يبرر الـHair Cut ولا أي نوع من السطو على المال كما حصل على سبيل المثال في قبرص التي قطفت في Hair Cut  حوالي 6 مليارات يورو من أموال المودعين لاستخدامها في تسديد جزء من دينها العام.

4 ـ هناك تخوف من أن يتحول الـHair Cut في العالم الى سابقة تلجأ اليها دول المديونيات العالية كلما اقتضت الحاجة.

5 ـ مع لجوء الدول الى المصارف لحل المديونيات تتراجع الفكرة المنطقية بأن حل أزمات من هذا النوع يكون عبر سياسة مالية، وليس سياسة نقدية أو مصرفية على الصورة التي شهدناها في الأزمة القبرصية كما في لبنان الآن، حيث الدولة اللبنانية بدلاً من أن تحل مشاكلها المالية بوقف الهدر المالي وبالاصلاحات الهيكلية والادارة، تلجأ الى المصارف (أو الى مصرف لبنان) للحصول على قروض اضافية.

6 ـ وحتى فكرة اللجوء الى السياسة النقدية (والمصرفية) لم تعط  حتى الآن الاطمئنان الكافي بان الأزمات باتت على طريق الحل.

7 ـ ان اللجوء الدائم الى الآليات المصرفية لحل الأزمات المالية، بات يشكل هاجساً اضافيا حول الأضرار التي يمكن ان تلحق بالمصارف، لجهة ثقة المودعين فيها أو المتعاملين معها. حيث استمرار القطاعات المصرفية في دعم أو اقراض أو تمويل الحكومات، (لا سيما حكومات الفوضى والهدر والمحسوبية والفساد كما هو الحال غالباً في لبنان) يعرض المصارف الى نقص في سيولتها، لجهة «تمركز» جزء كبير من القروض في هيكلية رئيسية واحدة Crowd Out هي الدولة. خصوصاً اذا كانت هذه الدولة في وضع قد لا يمكنها مستقبلا من تسديد ما عليها من مستحقات، فتلجأ الى ما لجأت اليه قبرص من «مصادرة» جزء من أموال المودعين. أو كما لجأت بعض الدول في العالم الثالث الى «مصادرة» (أو تأميم) أموال المستثمرين وتحت ذرائع شعبية أو «وطنية» غالبا غير قانونية أو غير شرعية.

8 ـ وما زاد الهواجس بشأن أوضاع المصارف في العالم عموما، هو البطء في  تنفيذ قرارات «باز3» بشأن ضبط السيولة والملاءة المصرفية في العالم.

9 ـ أن تكرار أو انتشار الـHair Cut في مصادرة جزء من الودائع ربما يطرح على بساط البحث مسألة فكرة المصارف برمتها، بما قد يستدعي البحث عن آليات جديدة للأدخار والاقراض والاستثمار، في وسائل آمنة أخرى ليس من الواضح حتى الآن شكلها وطبيعتها.

10 ـ وأخيراً أمام أسباب وأبواب «السطو» المتعددة، الحل الوحيد ربما هو انه بدل ترك المال بعملات ورقية تتآكل قيمتها، استثمارها في مشاريع انتاجية تحقق الثروة وتزيد من فرص العمل.  وهو الأمر الذي لم يحقق منه لبنان منه الا النزر اليسير.