بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 تشرين الأول 2021 12:01ص ورقة «الهيئات الإقتصادية» عناوين عريضة فوق عموميات!

حجم الخط
ورقة «الهيئات الاقتصادية» المقدمة للحكومة، مجموعة عموميات مكررة قبل الأزمة وبعدها وعلى مدى عشرات السنين من نوع «إطلاق النمو الاقتصادي» و«دعم الانتاج» و«لجم التضخم» و«تفعيل المساعدات الدولية» و«المفاوضات مع صندوق النقد الدولي». ودون أن تنسى بالطبع «تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي» وسواها من العناوين العريضة، بديلا عن دراسات تفصيلية عن أحوال كل قطاع اقتصادي وعلاقته بباقي القطاعات وبإحصاءات ومعطيات واقعية وموضوعية تساهم مع باقي الهيئات في مختلف الحقول، في الوصول إلى حلول.

ومثل هذه المهمة الدقيقة والعملية ليست صعبة على «هيئات اقتصادية» تضم جيشا عرمرما من أهل العلم والخبرة في مختلف الاختصاصات والقطاعات، ولديها من الامكانات والأدوات ما يمكنها من القيام بالدور الأساسي في عمليات الانقاذ المالية والاقتصادية والاجتماعية.

وما يزيد في ضرورة وأهمية هذه المهمة انه بقدر حاجة لبنان على غرار الدول المتقدمة وحتى دول في بعض دول العالم الثالث إلى «حزب عمالي» تتآلف فيه قوى الاتحادات والنقابات العمالية في لبنان على اختلاف تياراتها من يسار اليمين إلى أقصى اليسار، هناك حاجة بالمقابل إلى «حزب محافظ» من وسط اليمين إلى أقصاه تتآلف فيه مختلف تيارات «الهيئات الاقتصادية» في جميع القطاعات. وبحيث تكون المنافسة بين الحزبين على أساس برامج اقتصادية واجتماعية وسياسية تفصيلية تسهّل للمواطن مهمة الاختيار والاقتراع في الانتخابات التشريعية، بديلا عن الخيار الطائفي والمذهبي والمناطقي الذي يسود لبنان اليوم.

والذي يتابع المقابلات التلفزيونية مع جماهير الشعب خلال الحملات الانتخابية في الدول المتقدمة يلاحظ كيف ان المواطن يركز في أجوبته على التفاصيل الدقيقة التي على أساسها سيدلي بصوته إلى هذا الحزب الذي خفض أسعار السلع المعيشية أو زاد في المكتسبات الصحية والسكنية والتعليمية، مقابل الحزب المنافس الذي ذهب في الاتجاه الآخر. علما ان كلا الحزبين وسائر الأحزاب الرئيسية الأخرى لديها مكتبات خاصة يطلع الشعب من خلالها على مختلف البرامج والدراسات والمقترحات المعدّة من هذه الأحزاب التي توصف عادة بـ«حكومات الظل» بكل هذه البرامج والمقترحات الجاهزة لاستلام الحكم في حال فوزها بالانتخابات وبعد مؤتمرات سنوية عامة تناقش فيها هذه المواضيع على مختلف المستويات، تنال الجزء الأكبر من اهتمام ومتابعة مختلف الوسائل الإعلامية وبحيث يقرر الشعب في ضوئها حكومته المقبلة.

وإذا كنا لا نتوقع من هيئات لبنان الاقتصادية هذا «الترف» الديموقرطي العصري في بلد يحبو على طريق الردّة والتخلّف، فلتكن هذه «الهيئات» على الأقل نموذج الحد الأدنى من المقاربات العلمية في برامج ومقترحات تفصيلية تساهم في أي محاولة جدّية للانقاذ من محنة اقتصادية - اجتماعية باتت تهدد بمخاطر وجودية مصيرية!