يضفي الفنان «شوقي فرين» (Chawky Frenn) على أعماله فلسفة وجودية تثير في أبعادها المضمونية الخروج من اللامادة الى المادة وتشكّلاتها، وفي أبعادها الأسلوبية القادرة على حفظ المعايير الجيومترية وهميا، بحيث يجمع النقاط المخفية في خطوط هي الهيكل الحقيقي للوحته، وبتوازن بين الهيكل والبناء، وكأنه يدفعنا الى نقطة التقاء الحياة والموت ضمن نقطة مهمة جدا تبلغ ذروتها بصريا عندما تشتدّ الانفعالات اللونية التي تكتسي تصوّرات بشرية للوجود الإنساني المتطوّر متخذاً من السياقات الفنية موضوعاته المدركة للأشكال التي سبقتها، والأشكال اللاحقة محافظا على الإنسان في كل زمن تشتدّ فيه المحن عليه، وبخصوصية تفيض بالسيطرة على المشاعر لصقلها في اللوحة دون بذخ تراجيدي الصفة، وباستمرارية في النظريات التي يتم تشكيلها في مساحة محسوبة نظريا، وفق معادلات المادة أي اللون والرؤية وأبعادها، بمعنى آخر الشكل المتخيّل لاستمرارية الإنسان المتجاوز عن الآلام، والموصول بكنه وجوده ككائن يتصف بمزاج متقلّب يغلب عليه البؤس والألم والواقع التعبيري الشديد فنيا، والمتماسك بصريا بتآلف فعلي، وكأنه يقوم بتشييد اللوحة مهتما بموضوعاتها وموضوعيتها منطلقا من الذات الى التعبير الكلي عن الحياة والموت. فهل يحاول الفنان «شوقي فرين» الإبقاء على جوهر الحياة من خلال استخراج المشاعر المحتشدة بالرسم والانفعالات باللون؟ أم ان الأكثر تعقيدا بداية الإنسان ونهايته وهي دائرة البقاء، بنهج فيزيائي نفسي يثير الجدل في أعماله وقوانينها التشكيلية؟
تمنح لوحات الفنان «شوقي فرين» الرؤية العميقة لكل ما أوجدته الحياة في مسارات يصنفها تبعا للإنسانية وقضاياها في الماضي والحاضر والتشعبات الأخرى، مما يجعل الفكرة تكدّس الأشكال كتكرار نغمي للأحداث المؤثرة على الإنسان في الحياة اليومية، والتي ترسم على الوجوه تفاصيل الزمن المؤثر على المتاعب الفكرية الاجتماعية منها والسياسية، لتبرز كمعضلات لا حلول لها، ويرزح تحتها الإنسان الى ما لا نهاية أو الى أن تزداد أعدادها وتصل لحد الصرخة الكبرى أو الثورة الناجمة عن البؤس الاجتماعي المرتبط ماديا بالنفس أو الجسد أو كل ما يزيد الإنسان من هموم وألم ومعاناة وغير ذلك، وبفن هو عصارة ما يجري في الواقع أو كل ما يؤثر على خلايا الدماغ تماما كخلايا ألوانه في لوحاته التي تفرض استخراج ما هو مخفي فيها، ليتعافى الإنسان روحيا، ويتصالح مع الواقع المتعب والمؤذي له، وكأنه يتساءل هل في الفن أو الحياة جمال؟ وهل كل احساس ينبع من داخل الروح الإنسانية هو الجمال؟
ان تشريح الألوان والحركة في لوحات «شوقي فرين» غاية في التعقيد، لان كل شيء فيها هو نقيض الآخر، إذ يحاول خلق الحياة من الوجود، ومن الشكليات الفنية المتماثلة والمتناغمة، وبتكرار غير مألوف في الفن، لكنه يمثل أحد عناصر البناء التشكيلي الذي ينبض بالواقع ويتعارض معه، كالهارب من الحلم الى الواقع، لتبرز دقة التجمعات في المقاييس، وبشكل تدريجي يزيل عنه التوترات برسمها، ويشعر الرائي انه خرج الى الحياة سليما معافى من كل ذلك. فهل يدفع «شوقي فرين» بالمتلقي للالتحام بالأسس المتينه للجمال؟ وهل يمكن رؤية الفن التشكيلي القديم في لوحاته الفيزيائية الحسيّة العامرة بالنفسيات المستخرجة من أشكال ومفاهيم حياتية مختلفة؟ وهل وجود الإنسان في الحياة مفروضة عليه؟ فلوحات الفنان شوقي غنية بالفلسفات المتشعبة المرتبطة بصريا بالتشريح الحياتي للأفكار والمفاهيم قبل الجسد المادي المحتوي للروح، وما يماثلها في لوحاته اللون الذي ينحته الى أن يصل لمستوى الطبيعة أو الواقع المنهك المتعب الذي يجسّده في لوحاته، إذ من الضروري الإيمان بالحياة والموت عند فرين للوصول الى نقطة إلتقاء وهي اللوحة ومعانيها وفلسفتها الخاصة بالنسبة له.
أعمال الفنان الأميركي «شوقي فرين» (Chawky Frenn) اللبناني الأصل الذي سيزور لبنان في السابع أو العاشر من تموز.