بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 نيسان 2020 12:00ص أعمال الفنان الإسباني «خوان ميرو» جماليات الفوضى المنظّمة

من أعماله من أعماله
حجم الخط
يوقظ الفنان الإسباني «خوان ميرو» (Joan Miró) الإحساس بجماليات الفوضى المنظمة التي تستمدّ من الطبيعة ألوانها المميّزة القادرة على تحقيق المتعة في الفن، وبمحاكاة تدفع المتلقي الى التساؤل عن ماهية أعماله، ودوافعها المستبطنة لمفاهيم إنسانية غارقة ببيئة غريبة موروثة جماليا، ومعزولة عن طبائع الفن المتعارف عليها، وبتعبير لوني مكثّف بالتضاد، ومؤثّر بصريا على المعنى الخفي للعاطفة الإنسانية المبنية على التأمّلات اللاشعورية في السلوك الإنساني وغرائبه، إذ يعالج طبيعة العلاقة بين الإنسان والطبيعة والموروثات الفنية والحكايا الشعبية، للكشف عن القيم الجمالية للحكايا الشعبية من خلال الرسم والإستكشاف، وبتآنٍّ فني يبدأ من الخط الى المساحة، فاللون وضمن القواعد الصارمة التي يتمسّك فيها لإظهار الفوضويات في الطبيعة والإنسان، مما يمنح لوحاته الغنى في الوصف والتحليل لرؤية تشتق منها رؤى مختلفة منها الواقع والحالم وما يشتق عنهما من سريالية، مما يسهم في الإرتقاء بالإنسان الى منزلة تمييزه عن سواه، وإن ضمن الأحلام المتخيّلة والسريالية، وبشاعرية لا تخلو من الإيقاعات البصرية المرتبطة باللون وتدرّجاته التي تعكس قيمة التراث الإسباني وحكاياه الشعبية التي تخرج من لوحات ذات إشكال هندسية في غالبها، وان طغى عليها الحس الرمزي والتصوير الحالم بعوالم مختلفة فكاهية في غالبها، وشعبية بألوانها وتعود بجذورها الفنية إلى التراث وألوانه التي تشكّل علامات تعجب تثير كل منها الحواس، وتدفع باللاوعي البحث عن الطفولة ومشاكساتها عبر ثيمات بسيطة، لكنها غنية بالأحلام والرموز الفعلية المؤثّرة على التخيّلات النابعة من رسوماته المحفّزة الى المضي قُدماً في الحياة، وبنشوة الانبهار في التعبير عن النفس وقلقها من خلال الرسم. فهل تستدعي رسومات «خوان ميرو» الحس النقدي لبث المزيد من التأويلات والتحليلات حول رسوماته؟ أم ان القيمة الجمالية في أعماله تكمن بالخط ودقته ومساراته، وقدرته على خلق الكثير من التناقضات بين تحت، فوق، رفيع، عريض.. الخ..؟

تستجيب الأحاسيس الجمالية لأعماله التي تشبه علامات التعجّب والميل الغريزي للانجذاب نحو كل ما هو طفولي الرؤية أو سريالي التطلع، بفلسفة تستثير أيضا البصر بل وتدفعه الى التحليل والتفسير، والاستكشاف لمعرفة جماليات الخطوط الخاصة بنوعياتها، وتفسيراتها القادرة على اختراق اللاوعي، وبديناميكية تتجدّد معها الصورة التي تنبثق عن صورة أخرى، ووفق منظومة من الإيقاعات يعتمد عليها تمثل المتخيّل السريالي الناتج عن واقع يطمسه بالرموز، وبفلسفة جمالية تقوم معانيها على فلسفة عملية تبدأ من الطفولة الى الطبيعة، وصولا الى المشكلات الإنسانية وفوضى البشرية، وبنظرية فرويدية تمنحه الرومانسية والسريالية، لتجسيد مواقف الإنسان غير الثابتة والمتحركة مع الضوء والألوان النارية ضمن دقة الملاحظة، واستخراج الصورة من صورة أخرى عبر التوازن في العلاقات التي يشحنها بمكنونات تمثل العلاقة بين الرسام والخط والإنسان والحلم، واللاوعي الفني الذي يمنح العمل غرابة تؤدّي الى العديد من التحليلات، وبالتالي الى الدهشة للتعبير المنتظم الذي ينتهجه في الخطوط خاصة، القادرة على شرح المعنى بصريا والاهتداء للمغزى عبر البناء الشكلي في اللوحة، المتأثر بالدلالة التجريدية، وان بشيء من التلغيز لإدراك طبيعة فنه الخاصة، والقادرة على التغلغل بعمق نحو الايقاعات البصرية وشدّة تعقيدها حسيا، كأنه يشير الى صعوبة تذوّق العمل الفني ما لم يتم فك شفراته الفنية والتجاوب معها، كقصيدة شعرية تبعدنا عن شواغل الحياة. فهل غموض لوحاته يفرض الكثير من التأمّلات في خطوطها، ورموزها وتعبيراتها ذات الخصائص الانفعالية في الشكل والتعبير، والخصائص العقلانية في الخط وقدرته على سبر أغوار اللاوعي واستكشاف المشاكسات الطفولية في أنفسنا؟


dohamol@hotmail.com