بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 كانون الأول 2019 12:03ص أعمال الفنان الفرنسي برونو غاندولي أصداء التراكيب الهندسيةe

من أعماله من أعماله
حجم الخط
يرصد الفنان الفرنسي «برونو غاندولي» (Bruno Gandouly) أصداء الأشكال الهندسية في المتخيّل الجمالي للألوان باحساس تستيقظ فيه الرؤية الجزئية للجمال بين التجريدي والهندسي أو الواقع والخيال وبتناظر أكثر تعقيداً، إذ يبدو أنه ينتظم مع الألوان المتغايرة التي تتبع أشكالا تنتج إيحاءات مكثفة تشبة العوالم المعقدة تعقيدا هندسيا تتماثل مع الأشكال في اللوحة المجزّأة، والتي تميل الى خلق إيقاعات بصرية تمثل في انعكاساتها نوعا من الاهتزازات على سطوح لونية ذات ترددات لطول وعرض، وقياسات غير قابلة لنفي المثلثات من المساحات التي تشكّل التصوّرات الفعلية للواقع والمتخيّل أو للتجريد والهندسي، وبمعنى آخر للموجود البصري ومؤثراته في الدمج والانصهار، والقدرة على تعدّد الأبعاد للتأثير على الرؤية الفنية ذات الإدراك الحسي من خلال الطبيعة المشتركة بين الأشكال والألوان والقياسات والمعايير الفنية بشكل عام. 

فهل من افتراضات فنية يمزجها بين المدرك والمحسوس في أعماله الأخرى؟ أم أنه يسعى الى تجاوز المألوف من توثيق صلة الألوان في إظهار العمق البصري للأشياء من خلال ترددات الألوان أو إيقاعاتها وحتى تبايناتها التي تسمح بالتفاوت بين درجات الألوان للتأكيد على الحقائق الهندسية بين كل الأشياء التي تحيط بنا، فهل يقصد ان الأجزاء هي المحتوى الحقيقي لمنطق وجود الأشياء؟

تبقى جدلية المتناقضات في الألوان والأشكال ضمن الأضداد وتحوّلاتها البصرية المثيرة جماليا للحس الإنساني الذي يفرضه الفنان «برونو غاندولي» لتحديد قيمة الوجود في اللاموجود أو الأحرى نفي ما هو حسي، والقبول بماديات الأشياء الملموسة، وان اتخذ أحيانا من التجريد اللوني انغماسات تتماشى مع الكمي أو بالأحرى الامتلاء والفراغ والتحوّل بين الكيفي والكمي دون أن ينكر الحركة الضوئية ومبادئ مزج الألوان بكلاسيكية تخضع لمزاجيته الفنية وطبيعتها الديالكتيكية، بنسبية محدّدة لا إشكالية فيها لأنها تلامس تطوّر الوعي الفني في هذه اللوحة تحديداً وشفافيتها من حيث التناقضات الحركية والايحاءات البصرية بخلاف التجاوزات التي يصوّرها بين الثابت والمتحرك والغموض المجرّد من كيفيات اللون غير المركب وتأثيره أيضا على الخطوط للتعبير عن المعرفة الهندسية لكل شكل ينتج عنه الشكل المغاير للحقيقة، وكأنه يبرهن أن الظواهر المتغيّرة في الكون ناتجة عن كل ما هو مادي متأثّر بالحسي، ليستخلص من المحسوسات وجود أدق الأشياء من حولنا وتأثيرها علينا. فهل من نظرية مطلقة للعناصر التشكيلية ذات الخطوات الحسابية في بناء اللوحة وتعقيداتها؟ أم انه يبتعد عن استقلالية الألوان لتأثيرها الكبير على الأشكال ومواقعها، وهل يرصد حركة كواكب من خلال انبلاج الضوء ومؤثراته في فترات مختلفة؟

ربما قد يظن القارئ لمقالي بمبالغة خاصة وان هذه اللوحة تحديدا ظاهرها يختلف عن باطنها، كما أن ازدواجية الأشياء تحكمها حسيا وفعليا من حيث الأبعاد والمنظور والترددات وقوة المثلث في تشكيل ثابت ومتحرك، لأن متغيّرات كل نقطة تختلف عن قرب وعن بُعد والنظر إليها من اليمين ومن الشمال، فطبيعة كل قياس في اللوحة متأثّر بطول موجات الألوان وقصرها وحتى شفافيتها أو اهتزازاتها، وبإيجابية الثقل أو الوزن الذي يبدو كالسابح في متاهات المساحة المتحرّرة من كل ما هو محدود في حين أن المثلثات هي المتناهي واللامتناهي في اللون وتأثيراته على وزن الأشياء وانعكاسها على القيم الفنية الأخرى التي يشحنها تبعا لتصوّراتنا وإيحاءاتها المثيرة للتفكّر وللتساؤلات عن أهمية المشخّص وغير المشخّص في الفن والحياة، وبشكل عام عن الشيء وضده وأهمية جماليته الوجودية، لأنه يُبرز العلاقات الثنائية وقوتها في الموجود خاصة وان المثلث هو النقطة الأساسية في لوحته هذه. فهل المادي ينفي الحسي أم ان لكل منهما دوره الفعّال في إبراز الجمال؟