بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 شباط 2018 12:05ص أعمال الفنان ديرك برويكر المادة المجففة إلى عوالم الجمال

حجم الخط
تتخذ عشوائية الالوان في أعمال الفنان  «ديرك برويكر» (dirk bruycker) صفة التعبيرية المجردة، وبتلطيخ فني لطباعة حجرية هي عبارة عن تطورات الالوان وذوبانها على قماش اللوحة. ليتم قشط الزوائد منها بفنية تتقيد بعدة مراحل، ولكل منها صفة تشكيلية يصقلها «ديرك برويكر» بالتخطيط والتجفيف والدهشة. اذ يخصص للوحة عدة مراحل، ولكل مرحلة منها رؤية فنية ينتج عنها نوع من اضافة لعنصر المفاجأة الذي يخطط له تبعا  لبديهية الالوان التي تتشكل وفق الاستجابة لجوهر القماش، وقياسه المحدد بالاطر الدقيقة والمقاييس المدروسة وفق الرؤية النهائية للوحة،  وبتخطيط مسبق لاستنتاجات الاشكال اللونية الناتجة عن الحركة الثقيلة والخفيفة للون الداكن والفاتح والبارد والحار، وبتدرجات موجات اللون الواحد، بمختلف طبقاته ان جاز التعبير، واستكشاف نغمة اللون المتعدد الطبقات على قماش هو العنصر الحقيقي لجمالية اللوحة . اذ يعتمد «ديرك برويكر» على التجريد المستوحى من المناظر الطبيعية المستخرجة من المادة التي يضعها على القماش،  ويتفاعل معها اللون بعيداً  عن الموضوعية التشكيلية في اللوحة ذات التجارب اللونية او بالاحرى الكيميائية المتمردة على القواعد الفنية،   والمتأثرة جدا بالتغيرات الطبيعية في الفصول المؤثرة على رؤية الجزء من الالوان التي تثير البصر عند «ديرك برويكر»  فيستكشفها عبر التجارب التجفيفية للون على القماش.  لتبرز اللوحة كنتيجة معادلة وضعها ونجح في استنتاجها. لتصبح قاعدة تشكيلية خاصة به. 
تمتزج الوان «ديرك برويكر»  مع موسيقى الدرجات الباردة والحارة،  وفق الحدس المنطقي الفريد من نوعه،  لأنها استجابة لنماذج الالوان وتفاعلها مع حرارة العاطفة التي نلامسها في قوة الالوان داخل اللوحة التي تصبح اكثر تحديدا مع بعضها البعض، لانفصالها او تلاحمها في ضبط ملحمي للتعبيرية التجريدية، الممتدة عبر حقول الالوان المسكوبة والمنضبطة والمشذبة، كأنه يعتمد تشريح الالوان والدخول الى تركيبتها. لاستكشاف جمالية الضبط الفني في اللوحة التشكيلية المحاكية  للسرد الجمالي المنبثق من طبيعة اللون وقوة حرارته او برودته، وفي الحالتين هي عملية تشكيلية تشريحية تقوم على التجارب الكيميائية لمراحل المحتوى المنسكب على القماش وقوة التفاعل معه . فهل يبحث «ديرك برويكر» عن الجمال في انتقائية الحركات اللونية مع الضوء والتجفيف والكشط وقوة التشكل الفريدة من نوعها؟ 
اظهار للكتلة المجففة في اللوحة الفنية التشكيلية هو اسلوب يتبعه «ديرك برويكر»  لخلق مسافات اثيرية ذات وعي تأملي يكشف عن قيمة الجمال الهش الذي يتراءى عبر الصور التي تمر امام ابصارنا، وبحركة موسيقية هي مزيج من نغمات الالوان المعقدة بصريا،  التي تشبه نبضات الاشكال الطبيعية او تلك المتواجدة في الطبيعة من حولنا . انما بتأثيرات ديناميكية جريئة بفطريتها وعشوائيتها، وسلبية اللون الشفاف فيها الذي يفصل من الشكل والشكل احيانا، ومن ثم ينصهر مع  ما تبقى بديهيا، وكأن شبحية الشفافية المستخدمة في اللوحة هي ذاتية تعبيرية تميل الى وجود الانا او ذاتية الفنان في تواجده داخل مساحة اللوحة. لممارسة الضبط او لفرض هيمنة الانضباط على عشوائية الالوان، وهي نوع من السلبية الجمالية الهشة في التكوين من خلال المادة السائلة المجففة وفق القواعد الصارمة، وان بدت في بدايتها عشوائية فطرية. فهل يبرز منطق الفنان بين جزئيات الفراغات التي يسيطر عليها فيجعلها ضمن المادة السائلة والجافة؟ 
تتميز اعمال الفنان «ديرك برويكر»  بأسلوب فني حدسي يعتمد على قوة استجابة المادة السائلة للتمازج مع القماش،  ومن ثم قدرتها على اتخاذ الشكل المعين عند جفافها، وكأنه يجسد عملية الموت واعادة الاحياء وبالعكس. فالالوان النابضة بالحياة المسكوبة على القماش تموت تدريجيا،  فتتجمد ويكشطها ويقوم بتحنيطها لاعاده قيمتها الجوهرية وفق التعبير الشاعري عن لحظة الانصهار الكلي للمادة مع المادة، قبل ان يجف عنها الماء  وتصبح مجزأة متصلة ببعضها البعض . فهل من فن حدسي تشكيلي هو عبارة عن اعادة احياء المادة المجففة لاستخراجها من قوالب متحجرة الى عوالم الجمال؟ 
أعمال الفنان «ديرك برويكر» (dirk bruycker) من مجموعة متحف فرحات.