بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 تشرين الثاني 2019 12:00ص أعمال الفنان محمد الخليطي إزدواجية المعنى وفهم الإشكالية

من أعماله من أعماله
حجم الخط
تملأ لوحات الفنان المغربي الفرنسي «محمد الخليطي» (Mohamed Lekleti) الحواس، فتميل إلى استكشاف ازدواجية المعنى وفهم إشكالية المزج الفني الذي يعتمد على عدّة أساليب تقنية، إن في الأبعاد والرؤى أو في الرسم والألوان أو حتى في تشابك الخطوط وأسسها التي توفّر إمكانية التفكر الذهني مع تفضيل فهم التباعد بين التقنيات التي يستخدمها الخليطي بفن معاصر، مخصّص لإتمام الكشف عن الفروقات بين الحدث والحدث المضاد أو بين التناقض الطبيعي بين الأشياء من حولنا أو الأحرى ما يجري في محيط يجمع عدة ثقافات ورؤى قد تتعارض مع بعضها البعض، فيما يسمّى الهوية الفنية التشكيلية وفلسفة المعايير، لإيجاد التشخيص غير المنضبط بشكل أو بآخر خاصة تلك التي تستند على الحدث، كحريق الكاتدرائية أو حروب سوريا أو حتى تلك الساخرة بطريقة مبطّنة من سلوكيات سياسية ما زالت تحتاج لإعادة نظر. فهل تتيح الأحداث الاجتماعية والسياسية تنشيط الرسومات التي تكتسب عدة رؤى تحفيزية تجعل من المتلقي يكتسب الحلول من خلال إثارة اهتمامه لاكتشاف معاني اللوحة كاملة؟ أم ان محمد الخليطي يجمع بين معرفته الثقافية بين الشرق والغرب أو الأحرى بين التراث الأدبي العربي والتراث الأدبي الغربي؟

يستمدّ من منطق الطير الرموز ومن معرفته بالأساطير المغربية أو الحكايات الشعبية الكثير من الدمج الذي نجده في الكثير من البلدان الأخرى، إذ لم يخرج محمد من مخزونه الثقافي الشرقي بل امتد إلى عصرنة الشخصيات والمساحات التي تحتضن الخليط الفني من رسم واكريليك وطباعة أو حتى تصوير يميل الى الكاريكاتوري أحيانا، وإنما بتبسيط يتناسب مع المواقف السياسية والاجتماعية وحتى الحكائية التي يحددها بين الحاضر والماضي وبخلفيات لا تشوّهات فيها وإنما بجمالية بصرية ذهنية ذات تصورات تخيّلية خاصة من حيث المواقف وردّات الفعل لا سيما الانعكاسية منها وفق بعض الألوان التي يخصصها لمنح لوحته هوية تشكيلية تحمل في طياتها الكثير من التفاصيل والمعايير الجمالية المنصهرة مع رؤية عالمية تتوحد مع شخوصه التي تتجاوز الحياة وترسم أفكارها بين العقل والقلب رياضيا وبتناقضات حساسة وبالقيم الإنسانية التي تبحث عن الوجود الإنساني العميق وأهميته من خلال الفن والتعبير الجمالي والتصميم الفعّال والمشترك بين جميع الثقافات حول العالم. فهل يخاطب محمد الخليطي الإنسان من جميع الأجناس وكافة الشعوب؟ أم هو يختصر رحلة الإنسان المعاصر في كل زمن دمجه بخط متعرج أو أفقي أو عامودي وحتى متصل أو منفصل لوضعنا أمام اختلاف المحاكاة المادية والتوحد مع المحاكاة البصرية والقدرة على تمييز وجودنا الكوني على الأرض. 

اعتقد ان «محمد الخليطي» جمع بفنه المعاصر القارات، واستدعى المخيّلة لجمع الحقائق من خلال رسومات تساعد على فهم حكاية الإنسان أولا، وما يجري معه على الأرض ثانية، لتنشأ العلاقات بين الأساليب المختلفة التي استخدمها في لوحاته بتآلف يدعم الرؤية البصرية، ويمنحها لذة فكرية من خلال الاستكشاف المفعم بالحيوية والادراك، وبسرد تقني دراماتيكي يستجوب من خلاله الشخصيات الاساسية التي يضعنا وجها لوجه أمامها وأمام مشكلاتها، وما تواجهه من معضلات تصيبها من العالم كحريق الكاتدرائية وسواه، مما يجعله يبتعد عن عزلته بسمو يحقق من خلاله مراده في توجيه الرسائل الحياتية والفنية من خلال رسوماته التي تجسّد ثقافة تحمل عبء الوجودية ورضخت بإيجابية لفن إنساني ذي أعباء تاريخية تحتاج لرؤية معاصرة دون أن يغفل عن أي حدث يوجهه نحو الإيجابية ذات الأبعاد الفنية متجاوزاً بذلك الانهزامية الفنية ومنتصراً على تحويل الشعوب الى شعب واحد في لوحة تصالحية تخفف من حدة الأحداث باللون والخط والتصوير والتعبير وما الى ذلك من مفردات فنية تتطلب من الفنان أن يرتقي بها الى مستويات الحياة بالفن وجماليته. فهل من توازن بصري في أعمال الفنان محمد الخليطي التي تستكشف المزيد من الثقافات المختبئة في الماضي ويراها تتجدد في الحاضر؟