بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 تشرين الأول 2018 12:00ص أعمال الفنانة إيمي لو باكارد لغة تشكيلية في لوحة بسيطة

حجم الخط
انطلقت الفنانة الاميركية «ايمي لو باكارد» (Emmy Lou Packard) والناشطة الاجتماعية من التعبيرية التجريدية الى الفهم الاجتماعي في اللوحة التشكيلية ذات الواقع التعبيري، المثقل بالرؤى الديناميكية المشددة على المبادىء الفنية واهميتها في الوصول الى الاهداف الاجتماعية والفنية معا. وبصبر تؤكده بهدوء الوانها، وبثقة الريشة التي تنتقد بصمت مساوىء المجتمعات بتعبير مبطن او بمشهد تستبطنه بخلفيات ترمز الى العوائق التي تواجه حتى الطبيعة بتقاطع مع ما تفعله يد الانسان فيها، وان اختلف اسلوبها في لوحاتها. الا انها جمعت الواقع الاجتماعي مع التعبيري والتجريدي، ومع كل ما هو بصري مثير حسيا. بل مستغرب، بنظرة جديدة حققت من خلالها تطلعاتها التشكيلية الهادفة لخلق جسور الاتصال الاجتماعي مع الاخرين حتى فنيا، بأحاسيس يغلب عليها القوة والاصرار على خلق لوحة يتصل بها المتلقي بصرياً. بل وينتمي لها ليشعر انه ابن الواقع الذي تجسده اللوحة او ابن الطبيعة التي تمتد اليها يد الانسان، كما تمتد الريشة وتترك لتعبيرها قسوة بصرية تحتاج بعدها لمحو الخطوط التي هي من صنع الانسان قبل صنع ريشتها، وبهذا تكون «ايمي لو باكارد» خلقت لغة تشكيلية انتقادية في لوحة بسيطة تضم في الوانها تعرجات الطبيعة مع خطوط الحياة الحديثة واحتياجاتها التي لا تراعي جمالية الوجود وفطرته الحقيقية مع التركيز على القضايا الاجتماعية، وان من خلال الطبيعة وما يعتريها من عناصر عززتها بالخطوط المعاكسة لقياسات ومعايير ومفاهيم الموارد الطبيعية المسخرة لخدمة الانسان او مجتمعه، وما تموجات الالوان في لوحتها الا الرمزية الحيادية للتعبير عن الجمال الفني في كل ما حولنا وعن استنكار الطبيعة للتشوهات الصادرة عن الانسان. 
تتعايش الالوان في لوحات الفنانة «ايمي لو باكارد» كما تتعايش الثقافات تاركة للتعرجات في الوانها قوة التقاء الحضارات، وفي اعمالها كافة الى جانب الخطوط الحادة احيانا، او الموحية بتراث ما او ببلد ما ضمن الشكل المستبطن، وان ضمن رمزيات الطبيعية ومروجها، وطبيعة تغيراتها بين الضوء والظل والتموجات ذات الخطوط الفاتحة والداكنة او الحلقات الزمنية التي تعيد نفسها بتكرار بصري ذي ايقاع سلس يؤدي الى تحفيز استكشاف المعنى في لوحاتها الزاخرة بالاصفر والبرتقالي، وبتفاصيل تكشف عمق الطبيعة وتغيراتها وفصولها دون بث الفوضى التي يتسبب بها الانسان الباحث عن الاستقرار. كما خطوطها الايقاعية ونغمات الوانها وذبذباتها، وبتعقيد السهل الممتنع. لانها تميل الى خلق تعبير قوي ذي ايقاع يلف اللوحة كاملة، وباستفزاز للبصر لاستدراك خلفيات اللوحة ومعناها المرتكز على ما هو حيوي في الحياة.
تتخذ اتجاهات الحركة في لوحات «ايمي لوباكارد» عدة اشكال في بعض منها هي بيئية تشير الى الحالة الذهنية المرتبطة بالتغيرات الطبيعية والمجتمعية، وان بتعبير لوني يميل الى خلق المتناقضات البصرية ضمن الخطوط وحركاتها، وايقاعاتها وذبذباتها واندماجها مع الالوان، كأنها تستنكر او تستنجد بشروق او مغيب او بلون زاهٍ يتغلب على الالوان الداكنة المستمدة من قوة الظل بين خطوطها المتعرجة والمنحنية، والمائلة بتماثل وتقارب بين البعيد والقريب، والكبير والصغير، والصدى البصري المرتسم بين الابعاد متحدية الاشكال واختلافاتها ومجموع تواجدها في لوحة واحدة هي المجتمع المتلون والمتوحد مع طبيعة وجوده وان بتعبير لوني مؤلف من نوتات الخطوط والانفراجات الضوئية الباعثة للامل رغم وجود الاكتشافات العصرية المسيئة للبيئة الام التي جسدتها ايمي لو باكارد بالالوان المتعرجة والخطوط المتوائمة مع فكرة اللوحة. 
أعمال الفنانة ايمي لو باكارد (Emmy Lou Packard) من مجموعة متحف فرحات.