تستكشف الفنانة الكندية «زاندرا ستراتفورد» (Zandra Statford) العلاقات الجيومترية تجريديا وفق تركيبات ديناميكة بصريا، لأشكال تستجيب للمقاييس المختلفة، وكأنها تعطي المساحات معمارية تأمّلية هي حوارات بصرية تتجذر فيها رؤية معاصرة لمعمارية فنية تتقاطع انعكاسيا مع المساحات المعلّقة، كتعبير عن شخصية الإنسان المعاصر في مستقبل تراه مفككا بنائيا نوعا ما أو يوفر الكثير من أشكال لمواد جديدة تنجذب إليها الحواس لجماليتها التخيّلية لمدن مختلفة قد تكون وفق فراغات تسمح بمرور تقنيات غير متوقعة هي جزء من حضارة حديثة مبنية وفق مفهوم التجريد الجيومتري، لتكشف عن مواصفات الأماكن المتخيّلة، لواقع يرتبط بالحداثة المعمارية التي تلعب دورا في إدراك قيمة المساحات والفراغات، فالعلاقات المكانية في أعمال الفنانة زاندرا ستراتفورد تغطي مجالا واسعا في الفضاءات التي تشترك مع ألوان تمثل نوعا من الفراغات بمستوياتها المختلفة خاصة بما يتعلق بالصلة بين التجريد الجيومتري والعلاقة بين الحركة وما هو خاضع لتغيّرات الفكرة التي انطلقت منها والمرتبطة ارتباطا وثيقا برياضية الأشكال وقدرة استجاباتها لقواعد الألوان، لاستثارة التلاعب البصري للدخول الى قواعد معماريتها التشكيلية في لوحات متعددة التأثيرات، لتحقيق أهدافها التشكيلية واكتساب مهارات تخيّلية نقطتها الأساسية هي تحسين رؤية الأمكنة من خلال استخدام الأشكال المختلفة المرتبطة ببعضها، والتي تثير استقرار الظل لجذب البصر وفرض تأملات قدرتها على إبراز تنسيق الخطوط، وإن بدت عشوائيات تصحو منها عند رؤية خط لولبي أو آخر متكسر فجأة، إلا أنها تتناقض بين التوازن والتأرجح المحموم ديناميكيا مع ما هو ثابت وغير منتظم، لمواجهة ثنائية المشهد الفني أو لفرض حالة من الاستقرار والتوتر لعصرنة الحياة والعودة الى طبيعة الأشياء من حولنا، مما يسمح بخلق حالة من تأملات مفتوحة على عدة فرضيات هندسية، وإن بدت لطشات الألوان بسيطة، لكنها معقدة وتقوم على الملاحظة أو الأحرى دقة الملاحظة للأشكال. فهل تتجاوز بذلك رؤية المستقبل القادم والسرعة من خلال قوة الظل لكل مادة موجودة أمامنا؟ أم هي مجرد حدس بصري بالأشياء التي تمرُّ سريعا أمامنا ونحتفظ بها في الذاكرة البصرية؟
تعصف ظلال الألوان في لوحات الفنانة ستراتفورد وتمنح الشكل عقلانية تتجلّى في بلورة اللون، ضمن عوالم التمدن السريع والعصري جدا في آن واحد، كأنها تجعل من الخطوط قطارات تمرُّ سريعا، وتوحي بالأشكال التي تتكوّن حسّيا ضمن تحديات قوة الأشكال المستقيمة أو تلك الحادة اثناء مرورها، كشريط ذكريات يحملنا عبر الزمن بشكل تناظري مع ما نعيشه من توترات الحياة، والإحساس بها من خلال تناقض الألوان وبرودتها، وحتى حرارتها مع الاحتفاظ بذبذبة الألوان الرمادي والأسود والأبيض مع الأحمر المفاجئ أحيانا أو أي لون ناري آخر. فهل درجات الألوان هي أساسيات معمارية للألوان التي تمنحها قوة شكلية لمدن تخيّلية تمرُّ بخاطر كل منا؟ أم أنها تتمسّك بالسرعة البصرية المؤدية إلى تشكيل شبحي ان صح القول؟ وهل قوام الأشكال المتداخلة هي مادة متخيّلة لمدن تتألف من أشكال تجريدية تتوالد منها عدة مقاييس ومعايير تقاوم من خلالها صعوبات المادة وتطويعها؟
كل شكل يؤدي لآخر وكل توالد للألوان يترك الظل في حالة مرور متخيّلة سريعة في واقع متكسر أو لولبي وفق اختلافات الأحاسيس بالزمن، بجرأة فنية وتكامل تشكيلي هو إبراز لازدحام الصور التي تتجرد بسرعة من الحركة، لتبقى تجريديا وفق هندسيات تركيبية ترتسم في الذهن ضمن تصورات النفس الميّالة للابتكار، وللانفتاح على منح الرؤية عصرنة مرنة تدفع بالفضول البصري لاستكشاف المزيد عن مفهوم السرعة الذي تفرضه من خلال الأشكال والمقاييس. فهل تحاور ستراتفورد ذاتها من خلال إلهامها بما يمرّ أمامها وكأنها في قطار زمني ترى منه الأشكال السابحة في الفضاء حيث تتشكل مدنها الجديدة؟