بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 تموز 2019 12:30ص أعمال الفنانة ميرفت عيسى: الوجه النحتي الفلسطيني وهموم الوطن

من أعمالها من أعمالها
حجم الخط
تستجيب الفنانة الفلسطينية «ميرفت عيسى» (Mervat Essa) لمتطلّبات المادة بين يديها، فتبثّها شغفها النحتي متخطية حدود ما بين النوعين الحجر والطين، لتجمع بينهما بالملمس البصري حيث تتشابه الجوانب المختلفة من النحت النافر والغائر لتدخل من خلال ذلك الى لب الوجه النحتي الفلسطيني المحمل بهموم قضايا الوطن، وبالتراث مبتعدة عن وظيفية المادة التي تجمع بين اللين والقسوة حيث الأشكال الحرّة، مما يعكس رؤيتها النحتية من منظور جدلي لتقدّم حوارات نحتية بصرية هي هندسة اللمسة واستخراج الفكرة بمعالم إنسانية، لتكون بمثابة تحدّيات فلسطينية بالفن النحتي المتشكّل من طين الأرض نفسها، وبأشكال مختلفة تتفاعل مع التعبير النحتي المتشكّل تجميليا من مواضيع تبثها معالم الكثير من الوجوه العابقة بالتاريخ خاصة ممن رحلوا، ليبقى الماضي هو جسر العبور الى الحاضر، لتصل إليهم من خلال منحهم المعنى الوجودي الإنساني الفلسطيني المتحرر من القتل والتشرّد والدمار، والتقوقع الناتج عن القسوة التي مارسها الاحتلال على شعب منحته تعبيراتها قبل أن تجف المادة، وتصبح تعبيريا من الذاكرة الحيّة القادرة على ترجمة هواجس شعب ما زال يمسك بالطين والحجر، ليقتلع الاحتلال من الجذور ويعود الى اللحظة التي تجسّد فيها «ميرفت عيسى» الجد والجدة والصرّة المحملة بالحوائج والكثير من الرمزيات والمطرزات التي تنتمي الى التراث الفلسطيني وجماليته أو الأشخاص الذين رحلوا وهم يحلمون بالعودة، فمنحتهم العودة الرمزية من خلال ما تنحته بالأصابع وتشكّله بالحس الإنساني النابع من المادة بين يديها قبل أن تمارس عليها فن الذاكرة النحتية الفلسطينية الخاصة ببصمتها الإبداعية. فهل حاولت «ميرفت عيسى» استرجاع لحظة تاريخية من خلال الفن الفلسطيني الخاص بها؟

الخروج من الموت الى الوجود بخبز الحياة، فمن المنديل الفلسطيني المطرز على الكروشيه الطيني و(بقج كفر برعم) التي تمثل النكبة والألم والوجع، والاحساس باليتم والبُعد عن الديار والعادات والتقاليد التي تبقيها قيد الحياة من خلال كل ما تقدّمه حتى عن العيش المشترك الفلسطيني ما بين المسيحي والمسلم واليهودي، فأعمالها لا تنتمي إلا لفلسطين الطين والأرض والحياة، والتاريخ الذي تحتفظ فيه بأعمالها المتحجرة التي تحوّلها الى ذاكرة دائمة تبقى مع التقاليد في الأفراح والأتراح، كانها تبحث عن ذاتها عن ذاتية فلسطين المتمسّكة بها من خلال لمسات الأصابع التي تستنكر ما حدث وترفض الابتعاد عن الأرض، من خلال النحت بأسلوب ديناميكي يدوي، لتبقي على كفر برعم بلحظة لا يمكن نسيانها، وفي اتجاه العائلات والأقارب مستخرجة من الذاكرة تجارب التهجير والاحتفاظ بنكهة كفر برعم في فلسطين.

وجودية تنفي المنع والموت والحدود من خلال النحت الطيني، لتتصدّر أعمالها وجود فلسطيني آخر وجود الماضي في الحاضر كي لا تغادره، ليتواجد دائما في معاني أعمالها، وتعبيرات الوجوه والأشكال، وبتكرار هو إيقاع التأكيد على ان المنديل والبقجة وغيره هو مئة بالمئة فلسطين، مؤكدة ميرفت على طينتها الإنسانية التي تفيض بروحانية الإنسان القادر على التحدّي رغم التابوت الذي يتكرر أو منديل الزواج أو وضع الجد والجدة في أطر دائرية هي البداية والنهاية التي تتكرر من الأب والأم والأحفاد، لتؤكد على استمرارية الحياة لفلسطين الإنسان الموجود في القرى، وما زالت حاجياته مكانها كما تركها. فهل تكرر ميرفت رفض رحيلهم وتريد التأكيد على عودتهم من خلال أعمالها؟ وهل تجسّد أعمالها أوجاع خروج أهالي قرية كفر برعم من ديارهم؟

أعمال الفنانة الفلسطينية «ميرفت عيسى» (Mervat Essa) من مجموعة متحف فرحات.


dohamol@hotmail.com