بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 كانون الأول 2022 12:00ص أين نماذجنا؟!

حجم الخط
لئن لم تتمكن من أن تكون نموذجا يحتذى، فعليك أن تكون علامة تحذيرية لسواك! فالنموذج الحي هو بمثابة موعظة أو خطبة لا مثيل لها. الأطفال مثلا يحتاجون الى نماذج أكثر منهم الى نقّاد. وان نحن قتلنا التوقير والاحترام فيهم قتلنا فكرة البطل في الإنسان. اننا نخدع أنفسنا عندما نظن ان الوهن يحتاج الى الدعم. فالقوة تحتاج إليه أكثر بكثير. المثل الأعلى له أنصار أكثر من العقل. وهو يحرك العالم أكثر من أي عقيدة. انه مدرسة البشرية جمعاء.
نخرج في طلب العلم فنرى شعوبا تزاول أعمالها أفضل منا أو تعمل الفكر في شؤون الحياة وشجونها على غير ما نفعل فنستلهم جماعات ونتجاهلُ أخرى. وقد خبرت شخصيا ذلك في إصدار أحكامي عبر إحساس مرهف من هنا وتحدّيات وجودية من هناك وتثاقف مُجدٍ من هنالك واحتكاك بأبطال قضوا ولم يزالوا أحياء في نفوس محبيهم وقادري فضلهم. شعرت تدريجيا انني المسؤول الأول عن مسيرة حياتي واستشرافي للمابعد. الأم تحيا أولا من أجل وليدها. وهي تتأثر في ذلك، لا محالة، بما تحسبه الأفضل في محيطها الضيق أو البعيد. وانك لتتبيّن ان دولا عظمى قد تفقد مكانتها إن هي افتقرت الى أبطال وأصحاب رؤى أفذاذ.
نرزح تحت أعباء الواقع الدولي ونقاسي من جور الحاكمين وتعسّفهم. لغتنا دبَّ إليها الضعف وانتاب الوهن والتراخي معظم «ممثلي» الشعب. فمتى تتفتح على آفاق الوعي الوطني الموحّد أذهاننا وتأخذ أفكارنا تستضيء بنور الحق والحرية المسؤولة وحب الكرامة الفطرية والإيمان؟ متى تروح هممنا تتحفز معا للوثوب الممنهج الهادف والانقضاض على أولئك الذين قيّدونا بسلاسل الظلم، وعملوا لخنق لساننا الحبيب وتفريق عنصرنا الواحد الى شيع وأحزاب؟ أين القادة الخلصاء الأوفياء البسلاء يجمعون الشمل ويوحّدون الصفوف ويسيرون في الطليعة ليزكّوا نار الحمية والحماسة في قلوب متعطشة الى الانعتاق من ربقة الإستبداد المرير، وليقودوا جحافل الأباة الناقمين، الى حيث يحطمون أصنام الغطرسة البغيضة والعظمة الجوفاء.
متى نستعيد نماذج قادتنا العرب في مرحلة ما قبل الإسلام وصدر الإسلام والعصر الأموي والعصر العباسي والأزمنة الأخيرة؟ انه لجميل حقا أن نقتفي أثر أحدهم ونحذو حذوه، فيكون في ذلك خير حافز لنا على تحقيق أغلى الأماني والتبشير بمبادئه الصحيحة الصادقة!

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه