بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 حزيران 2021 12:00ص إبداع الألم

حجم الخط
لطالما ارتبط الألم بالحالة الإبداعية، وان كان هذا لا يعني أبداً ان لا إبداع بلا ألم.

وهذا يذكّرني بطرفة جميلة حدثت في سبعينيات القرن الماضي، كان ظريف الوسط الثقافي آنذاك المرحوم عبد الأمير عبدالله مهتماً بشؤون الشعراء العراقيين الذين كانوا يأتون إلى بيروت في حينه بالجملة بسبب ظروفهم الصعبة.

ذات يوم التقى عبد الأمير بأحدهم تتملّكه حالة اكتئاب وإحباط، فما كان منه (أي عبد الأمير) إلا ان أحضر له ما يعرف بأنه يسرّه وأهداه له.

وفي اليوم التالي صادفه، وإذا به في الحالة عينها فسأله:

- ألم تريحك الهدية التي أهديتك إياها بالأمس؟

فقال العراقي: لقد كسرتها.

فتعجب عبد الأمير وسأله عن السبب، فأجاب:

- لقد كسرتها كي أعاني وأستطيع كتابة الشعر.

هي حادثة حقيقية ولكنها تؤشر بالفعل على ارتباط المعاناة بالإبداع كما يعتقد البعض، ولذلك بعض الحقيقة.

فأهم كتابات الشاعر بولس سلامة على سبيل المثال التي كتبها خلال الثلاثين عملية جراحية التي أجريت له.

مثال آخر هو الشاعر العراقي بدر شاكر السياب، فأجمل قصائده كُتبت وهو يُعاني من المرض، حتى انه في آخرها كما أظن كتب:

«أحبيني أحبيني

وأنا أدرج بأكفاني أحبيني»

وكان في هذا مخاطباً زوجته وهو على فراش المرض.

وإذا أردنا سرد الأمثلة فاللائحة طويلة، أما المعاناة التي تنتج ذلك فهي على أنواع..

فالحب هو قمّة الجيشان الإيجابي، بالإضافة إلى نواحٍ أخرى، والمرض والعوز والألم والغربة هي قمّة الجيشان السلبي، وفي مطلق الأحوال لا إبداع دون معاناة.

والا كان إبداعاً باردا تنقصه الحرارة التي تسبب التوهج اللازم للمادة الخام.

فالإبداع، أو النص الابداعي هو كالماس لا يُمكن أن يتوهج دون صقل والمعاناة هي صقله.

والحياة تسير.





إلياس العطروني