بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 تشرين الأول 2021 12:00ص إدراك القيمة الواقعية في رسومات الفنان الأميركي غوس هاينز

من أعماله من أعماله
حجم الخط
يعتمد الرسام الأميركي الفوتوغرافي «غوس هاينز» (Gus Heinze) بالكامل على الصورة الفوتوغرافية في رسم يحظى بالنكهة الواقعية المجرّدة. وقد تتجلّى الكثير من التأمّلات التي تفرض إدراك القيمة الواقعية الفوتوغرافية لما هو مرسوم في لوحة تم التركيز فيها على التكثيف الواقعي المجرّد للأشياء التي نراها بعمق، ونتساءل عن ماهيتها، لأنها تمثل إزدواجية فوتوغرافية مرسومة بريشة وألوان، ولكنها تميل الى الواقع المجرّد الذي يفرض على الحس نوعا من إعادة إنتاج الصورة تبعا للريشة وقوانينها في قدرتها على خلق الألوان وفق تدرّجات الطبيعة التصويرية التي لا يمكن إنكارها بصريا، ولكنها تلتحم مع التصوير الفوتوغرافي ودوره الهائل في منح الأشكال واقعية يجرّدها الفن التشكيلي ويتركها ضمن قوانين ذاتية الرؤية يؤكد من خلالها الفنان على قوة الملاحظة وقدرتها في مزج الحس الفني مع التصويري وقيمه التشكيلية المحتفظة بالشكل الطبيعي للأشياء من منظار مختلف تماماً. فهل علاقة القيمة الفنية بين الرسم والتصوير الفوتوغرافي في أعمال الفنان «غوس هاينز» هي الخاصية الجمالية؟

يشترك الفن الواقعي التصويري المرسوم وفق التناقض البصري والتطابق التلقائي مع الأشياء التي تثير أوجه التشابه بين التفاصيل، لدرجة خلق الأضداد مع الأنواع الأخرى، كالتعبيرية التجريدية وغيرها، وكأن الفنان يثور على الأساليب الأخرى، ويخلق من التصوير الفوتوغرافي فناً تشكيلياً يضاهي حركة فن الـ «بوب آرت»، بلا وعي يعتمد بشكل كبير على ما تصوّره اللوحات من علاقات في القيمة الفنية التي تمسّكت بها هذه الحركة الفنية الأميركية التي ظهرت في الستينات، وازدهرت في السبعينات، والتي تتطلب الكثير من التخطيط المسبق والمعقّد نوعا ما في الاختيارات الدقيقة للصور التي يحددها الفنان، ليرسمها وفق قابلية جمالية ترتبط بالفن الواقعي. فهل يمكن للمبالغات البصرية أن تنسجم مع هذا الفن؟ وهل العمل الفني الواقعي فوتوغرافيا يمثل الحياة الصاخبة أم العكس؟

ما بين الغنى اللوني في العمل الفني المرسوم وفق التصوير الفوتوغرافي البارد لونيا، وبين التفاصيل الأخرى الكثير من الفواصل الساكنة أو الفراغات المنسجمة مع المساحات الصغيرة القادرة على خلق نوع من المحاكاة الصامتة. ألا ان غالبا ما تكون اللوحات الواقعية المرسومة كبيرة جدا، وغالبا ما يستخدم الفنان فيها الألوان الزيتية والاكرليك، وقد سعى هاينز في تصويره الواقعي على التقاط الخطوط بفن حافظ فيه على الملمس الناعم أو الأحرى الحفاظ على سطح لوحة أملس بعيدا عن ضربات ريشة مرئية من أجل جعل اللوحة تشبه الصورة الفوتوغرافية لدرجة كبيرة، وكأنه يتحدّى العدسة وقدرتها على التقاط الكثير من التفاصيل بريشة تهتم بالتفاصيل والتكوين على نطاق واسع، وبمقدرة جمالية تثير الكثير من التساؤلات الفنية عن هذا النوع من الفن الدقيق في نقل الصورة من واقع الى واقع مجرّد بميكانيكية تتطلب الكثير من التركيز المكثّف الذي يولد من التأمّلات، ويؤدي الى حالات تأمّلية متعددة لاستكشاف مقدرة الريشة ومبارزتها لعدسة تنقل صورة من واقع الى واقع آخر. فهل اللوحة الواقعية الفوتوغرافية هي رسم دراماتيكي بنظرة ثاقبة؟

رغم أن الفنان في هذا النوع من الفن يستند على الأشياء الحقيقية لكنه يعتمد على تحويل فكرة الالتقاط الميكانيكي الى إنشاء الكثير من الأجزاء الحقيقية غير الواقعية في مجملها بمعنى خلق العصف الذهني ليتساءل المتلقي ما إذا كانت الصورة أمامه مجرّد صورة لمشهد ما أو رسم غريب الأطوار لصياغة أخرى تشبه بعضها وتتناقض مع التفاصيل المألوفة بين الفوتوغرافي والرسم، مما يخلق شعورا بعدم الراحة عند المتلقي لعجزه من اكتشاف غرابة الأسلوب. فهل يطمس الرسام الواقعي ما هو فوتوغرافي من خلال النظر الى صورة؟ أم ان الريشة تتحدى العدسة بالفعل الإيجابي والسلبي من خلال الرسم؟

من مجموعة متحف فرحات.


Dohamol67@gmail.com