كلما مررت على دالية العنب أتفقّدها أرى آخر العنقود
بعد ست سنوات من العناقيد الأربعة أتى إلى الوجود
فصار بالنسبة لي كأنه أول مولود وهو الطلب المنشود
فأضفى جمالاً ورونقاً على قلبي وعطراً كعطر الورود
وارتوت مشاعري بحبه كإرتواء الظمآن من المورد البرود
ونوراً لعينيّ أراه كنجم الزُهر في السماء دون سدود
شبَ وهو ذو نفسية فذّة وعزة نفس كصلابة الجلمود
ورأي حكيم كشيخ هرم جرب الحياة بالحكمة عليه مشهود
لأنه ذو رأي سديد وعمل مفيد وعن رأيه غير مردود
استمد من أقواله راحة نفسية ومن آراء ليس لها من نفود
يا بني كنت أشعر فيك رشداً كأنه من عذب الماء مورود
كبرت واشتدّ عودك فدخلت معترك الحياة المعهود
معهوداً لك تكملة مع الوالد والإخوة طليقاً دون صدود
فأذهلت بعطائك وحسن تدبيرك ونظرك الغير محدود
وافتخرت بك لكل ما رأيته منك عملاً باذلاً كل مجهود
عندما أرى مسحة حزن على وجهك أصبح في حالة جمود
وتغيب عني شمس حياتي ونجوم السماء أراها قاتمة سود
وما أسعدني ساعة أراك سعيداً أكون كالنسيم بعد الركود
لأنك نور حياتي وفراقد(1) أيامي اهتدي بك للمنشود
وأنت سبيلي لو تهت عن السبيل أنت مرشدي المقصود
تنصحني دون لوم لو احتجت إليك لتوقظني بعد الهمود
وأنت الإبن البار والأخ العطوف لأنك كالغصن الأملود(2)
سر برعاية الله سبحانه وتعالى بقلب مخلص محب ودود
1 - الفراقد: جمع فرقد وهو النجم، 2 - الأملود: الناعم.