بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 شباط 2018 12:03ص الإذاعة تُطفئ 98 شمعة في يومها العالمي.. رافدةً حياتنا بما يُمتع «الأذن تعشق قبل العين أحياناً» تحفظ مكانتها أمام التلفزيون..

حجم الخط
في الثالث عشر من شباط/فبراير من كل عام، يُحتفل بـ «اليوم العالمي للإذاعة»، ونشهد في الغالب إشادات بصمود هذا الفن رغم دخول شاشات التلفزيون والسينما والأنترنت على التطور الحضاري التقني الذي نعيش أسمى حالاته هذه الأيام مع إبتكارات مدهشة وسريعة تطرأ تباعاً وتأسرنا بسحر أدائها.
الجهاز الذي كان سحرياً يوماً ما، جاء نتيجة تطورأعقب الكلام، والكتابة، والطباعة، وصولاً إلى إنجاز نقل الصوت عبر الأثير، إلى أبعد مسافة، وهو ما سُجّل رسمياً قبل 98 عاماً في «بيتسبيرغ» الأميركية، وبات بعدها التواصل بين أطراف العالم أسهل وأقوى مع تعزيز الإتصالات اللاسلكية والسلكية بما يضمن ربط كافة المواقع على هذه البسيطة بعضها مع البعض الآخر.
الصوت حضر فماذا عن الصورة التي يبلغ عمرها تلفزيونياً هذه الأيام 93 عاماً بعدما إهتدى إليها عام 1925 الإسكوتلندي «جون لوجي بيرد»، الإثنان كمّلا بعضهما وسط ثورة في عالم الصوت والصورة ما زالت تتفاعل بقوة وعمق ودهشة إلى يومنا هذا، مع ملامح إنقلابية كثيرة تعدنا بها الأوساط الألكترونية العالمية مع مطلع كل نهار، ويتلازم العنصران في كل ما يتم التوصل إليه ما دامت الدنيا كلها مبنية عليهما بشكل أساسي.
إذا أخذنا لبنان مقياساً فإن صناعة الفن الإذاعي لم تأخذ الطريق الصحيح للتطوير، وكل ما حصل أن الموجة الإذاعية التي سادت وتوسعت خلال الحرب على لبنان، تراجعت وتركتها بعض المواهب إلى الشاشات الخاصة، طمعاً في الصورة، وها نحن اليوم على تخوم هوائيات تعمل بمنطق الإعلان ولا تلتفت إلى فن إذاعي له علاقة بخصوصية البرامج التي لها ثقل، وقيمة، وتمثيلية إذاعية، هذا عدا عن الأصوات الصالحة لأن تقدّم أعمالاً رصينة من خلف الميكروفون، فكم من أصوات حائرة في جنسها بين الذكورة والأنوثة، وأخرى يغيب عن صورتها الأداء المناسب.
وفي دنيا العرب توسعت ظاهرة الإذاعات الخاصة للترفيه على موجات ألـ «أف أم»، في وقت بات هذا المناخ خلفنا، ونتطلع معه إلى أجواء أقرب إلى ملء فراغات الهواء بالموسيقى والغناء من كل الأشكال والألوان، فوضى لا مثيل لها في هذا الوقت المضطرب في تثبيت حال الفضائيات على حساب أي شيء غيرها، في صورة عكسها مرة أحد المخضرمين حين وصفها بـ «صوت الشوفارية» يعني أنها لم يبق لديها من مستمعين إلاّ الذين يتابعونها أثناء القيادة، مع أن كثيرين يستخدمون شاشات تلفزيونية صغيرة في تابلوهات سياراتهم يتابعون خلالها برامج المحطات كما لو كانوا في منازلهم.
بات واضحاً أننا في يومياتنا لا نستغني عن كل معالم التطور هذه، الصوت كما الصورة كما الكومبيوتر، الغلبة ليست لأي منها أبداً فإحداها لا تستغني عن الأخرى في لعبة الحاجة الماسة للإستخدام. لكن الإذاعة في العلم الحديث وتحديداً في مهنة الإعلام لا تستقيم خبرة أي إعلامي يستخدم صوته أو قلمه أو وسامته من دونها خبرة ميدانية لها جذورها وقيمتها في تصويب المواهب ما بين الحنجرة والدماغ، وهي تبرز حين الممارسة العملية بحيث يكون اللفظ والأفكار المعتمدة وسياق الكلام على وتيرة لها سياقها وجاذبيتها للسامع والمتابع، ولا مجال هنا للتعمية فمن كانت بدايته خلف الميكروفون لن يهزمه أحد حين المواجهة المهنية الحقيقية.
في العيد 98 للإذاعة حول العالم، نريد الإشارة إلى أن للبنان مكاناً في البدايات التي عرفها العالم ما بين لبنانيين عاشوا في «بيتسبيرغ» أوائل القرن الماضي وآخرين واكبوها في بيروت يتصدرهم الكبير «شفيق جدايل» ولا كلام أكثر.