بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 تشرين الثاني 2018 12:19ص الانتظار اللامتناهي في رواية هيبي للروائي باولو كويلو «هيبي»

حجم الخط
استحضر الروائي «باولو كويلو»  في روايته «هيبي» الصادرة عن «شركة المطبوعات للنشر والتوزيع» فترة الانتفاضة على الاعراف التي كانت سائدة  في اميركا، والتي عرفت بالهيبيين، وجرفت معها الكثير ممكن دخلوا العالم الذي بدا حقيقيا ومغلوطا في آن. اذ اتصفت بالابتعاد عن المجتمع المادي،  وخلق النمط العشوائي او الثائر على التقاليد المجتمعية،  وحتى  اعتمادهم على الاطعمة النباتية والطب البديل والتخلي عن  الوظائف العادية.  مما ادى الى خلق حركة مضادة للثقافة الاميركية التي كانت سائدة والتي حددها باولو في ايلول عام 1970 حيث «كان الجميع يمتلكون قدرات خارقة او كانوا في صدد تنميتها» وبرفض للمعايير الاجتماعية،  بما في ذلك الرأسمالية  والنزعة الاستهلاكية.  لتظهر علامات ذلك على الاشخاص الذين انخرطوا في هذه الحمى الهيبيية التي اصابت الشباب. فتميزوا بالشعر الطويل واللحية والمخدرات  وموسيقى الروك الصاخبة.  مما ترك اثرا كبيرا في تاريخ اميركا والعالم من حولها. وفي رواية «الهيبي» لباولو كويلو الذي روى قصة حياته مع الهيبيين برؤية تستقطب المزيد من التحليلات بعد عدة سنوات من انكشاف ضبابية هذه المرحلة مع حبيبته كارلا وركوبه في قطار الموت الذي جعله وجها لوجه مع القضاء والقدر، والرحلة الحياتية القبائلية مع مجموعة من الهيبيين الذين يبتعدون عن الشعور بالسلطة من خلال السعي الى الكمال الروحي.  و خلق الهلوسات الناتجة عن الماريجوانا محاولين ايجاد معنى للحياة،   فهل يستطيع الانسان فعل ما يستطيع فعله دون ضوابط مجتمعية وانسانية ؟وهل التواريخ التي وضعها هي المفاتيح الحقيقية لروايته الهادفة الى اثارة الكثير من التساؤلات عن الماضي واهمها ايلول الاسود؟ 
الهبت الاحتجاجات برمتها رواية «باولو كويلو»  التي الغى منها ال التعريف تاركا تفاصيل روايته تكشف عن الافكار التي جمعت الشباب من خلال المظهر والشكل تحت خيمة هيبيز تكونت من عناصر مختلفة تنتمي الى قبيلة دون زعيم،  لديها المعايير الموحدة في العيش والتكيف والحياة المتحررة من اي قيود،  ضمن سمة واحدة نعم للحب لا للحرب،  مما يعكس عقيدة الهيبي وسلوكه،  خاصة فيما يختص بتجارة المخدرات المتلاحمة مع السرد الروائي المؤرشف لتلك الفترة  الممسوسة بإعجاب بالحضارة الشرقية. اضافة الى تحليلها التحليل الواعي الذي يخدم اهداف الرواية  «يمكن القول ان المخدرات  قد منحت في الاساس طابعا شيطانيا. لكن في هذه الحالة، بدا الناس على حق. كان تفكيره سخيفا فعلا. فهو الذي طالما دافع عنها معتبرا انها  من انواع  مضخمات الوعي. فهل يصف «باولو كويللو»  في روايته هذه سلسلة من الحقائق تتميز بفعل حركته الهيبية كشخصية في رواية يرويها،  ويمنحها السرد الظرفي للمكان الكافي لاختراق الزمن واعادتنا الى فترة شبابية ثورية قامت كاحتجاجات على حروب الفيتنام وعلى الحروب الاخرى؟   
لم ينس «باولو كويللو»  الروحانية في هذه الرواية التي تشير الى الخطأ والصواب،  والى قدرة الوصول الى الوعي الذي يتكون من مجموع اسئلة عن الحياة والموت،  والسلوك الصحيح والايمان بالغيبيات، وهذه الرواية الهيبية هي رواية تعيد الرؤية الى الصواب والى الحلم وقوته في تحديد مسارات الحياة ، وان تعرجت دون ان يثير القلق الوجودي كعادته في اغلب رواياته،  ان لم اقل جميعها. فالروحانية في رواية هيبي هي «ان تجتاز الاف الاميال للعودة اليه امر اخر. يمكننا ان نختبر الروحانية اينما كنا. فالله موجود في كل مكان» فمن خلال المسارات الروائية او بالاحرى مسارات الشخصيات يحدد «باولو كويللو»  نقاط استرجاع المرحلة التي تشكل ثورة كبيرة في وجه القوانين الصارمة وحرب الفيتنام تحديدا والحروب الاخرى مثل حرب حبوب الهلوسة (lsd) القادرة على اخراج الانسان من وعيه وادخاله مرحلة خطيرة من اللاوعي،   لنستنتج انها حرب المخدرات والهلوسات والخروج عن المألوف،  وحرب الشباب التائه الذي يتخبط في طرقات لا علاقة لها بما «جرى في فرنسا في ايار من العام 1968» وتحديدا من باولو المصاب بفوبيا الشرطة والخوف منها في اي لحظة،  مما تسبب له ايضا بالكثير من المشاكل مع كارلا ومع الماضي الذي سجنه وجعله اسير فترة هيبية خرج منها برواية يعالج من خلالها مشكلات الشباب في كل زمن يمر على الارض،  وما أيلول الاسود في رواية باولو الا معادلة الماضي بين  تواريخ عديدة استخلصها ودمجها لارتباطها الشديد بفترة الاستنكارات الكثيرة لاحدا تسببت  بانقلابات متعددة اصابت الانسان وموجاته السلبية،  فما هو الدرب المؤدي الى الحق؟  وما هي جدليات الحروب في رواية الهيبي؟ ومن ذا الذي يشعل نار الحكمة؟ ومتى ينهي الإنسان المستنير  تجاربه ليدخل رحلة حياة حقيقية خالية من التعقيد انهى فيها باولو روايته ؟  والاهم لماذا احداث فرنسا عام 1968 وايلول الاسود؟

dohamol@hotmail.com