بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 تموز 2022 12:00ص الانحباس الحراري

حجم الخط
لا أريد أن أتحدث عن الانحباس الحراري الذي كشف عنه مؤتمر غلاسكو الأخير. فقد وضعنا الصديق البيئي حبيب معلوف في جوّه، وأسهب في عرضه، وأخلص في وصفه. ثم تتالت مقالاته عنه، فزاد في التوثيق، وزاد في التوضيح. وتأكد لنا، أن الدول الكبرى، في شأن، وأن هموم البيئيين الخلص، في شأن، وأنهما لا يلتقيان.
إنما أريد أن أتحدث ها هنا، عن الانحباس الحراري في لبنان هذه الأيام; الانحباس الحكومي، والانحباس في مجلس النواب، والانحباس في القصر الجمهوري.. أريد أن أتحدث عن الانحباس عند جميع القوى والأحزاب، بعدما دنا موسم الانتخابات. أريد أن أتحدث عن الانحباس الاقتصادي، بعدما لامست الورقة الخضراء عتبة الواحد والثلاثين ألفا، من العملة الوطنية. أريد أن أتحدث عن انحباس التلاميذ والطلاب، خارج الصفوف، وإغلاق المؤسسات التربوية والجامعية في وجوههم، بسبب الصقيع، وبسبب غلاء النقل، وبسبب كورونا، والمتحورات الجديدة التي تعلن عنها وزارة الصحة يوميا.
لا شيء يبشّر بالحلول، على جميع الصعد وعلى جميع المستويات. «الإنحباس الحراري» يضرب جميع اللبنانيين، بلا إستثناء. وكل الجهود التي تبذل، سرعان ما تتبدد، إذا ما لامست عتبة التفاؤل. كأن هذه الأشهر الأخيرة التي تسبق الانتخابات النيابية، وتلك المتبقية من عمر العهد، تكاد تتمخض مثل شهر كانون، عن عواصف وصواقع ورعود. وكأن تنينا عظيما، يضرب لبنان، حتى ليكاد يرديه في الأرض.
لا يكاد ينبري منبر، حتى يشعر صاحبه، أنه يتكسّر على رأسه من سرعة التنديد ومن سرعة الاحتجاج. لا أحد يصغي لأحد في هذا الوقت الضائع قبل المواعيد الدستورية القريبة. كأن جميع القوى، تشتبك، بلا حساب لأحد، لا من قريب ولا من بعيد. كأن جميع القوى تدخل في اشتباك، بلا قيود، بلا حدود. كأن جميع القوى، تدخل فجأة في «إحتباس حراري».
كيف يخرج القصر الجمهوري، من أزمته، بعدما بلغ صوته المدى، ولم يلقَ سوى الصدى؟! كيف يخرج المجلس النيابي من أزمته، وقد جاوز الظالمون المدى؟! كيف يجد القصر الحكومي مخرجه إلى الإجتماع، وإلى الجلسات والإنتظام فيها للعمل، والدروب كلها عوائق، وكلها أشواك، وكلها عقد؟!
«الاحتباس الحراري» في لبنان، وراءه قوى التعطيل في الخارج، فلا يضحكون على ذقوننا. فمتى تتوقف حملات التشنيع؟ ومتى تتوقف حملات الترويع؟ ومتى تتوقف الحملات التي تستبيح البلاد؟
«غلاسكو الاحتباس الحراري» في لبنان، مثله الاحتباس الحراري في العالم، يعالج بالمسكنات. فإذا كنتم لا تصدّقون، فاسألوا البيئي حبيب معلوف، الذي حضر غلاسكو وخاب فأل حبيب، أثناء الاجتماعات، وكذلك بعد الإعلان عن النتائج في بيان ختامي.

أستاذ في الجامعة اللبنانية