بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 أيلول 2019 12:00ص التكامل الإعلامي والثقافي

حجم الخط
يعتبر موضوع التكامل الموضوع الرئيسي من بين الموضوعات التي تتصدّر قائمة الهموم العربية الكبرى للاهتمام السياسي والفكري والجماهيري بقضية التكامل نظراً لما تنطوي عليه من أهمية بالغة خاصة في هذه المرحلة الحاسمة، حيث ان العرب اليوم بحاجة الى بلورة رؤيا استراتيجية عربية تتفاعل من خلالها مع التحدّيات. وإن مسؤولية القادة العرب وأهل الفكر والفعاليات الأهلية في الوطن العربي، التي تجمعها الربُط العميقة، تفرض التعاون والتنسيق في مجال التكامل الشامل في هذه المرحلة الدقيقة، وهو الرد التاريخي بوجه القوى المعادية والمعتدية في آن.

إن موضوع التكامل بين الأقطار العربية يجسّد طموحات الغيارى على مستقبل الوطن العربي الذي يريدونه أكثر تماسكاً ومنعة وقوة، وأوفر إيماناً، وأمتن بنياناً، من حاضر متمزّق وإيمان متضعضع وبنيان لا يريدونه متداعياً. ولقد أثبت دروس التحدّيات الكبرى التي يواجهها العرب ان الوعي القومي العربي غير محصّن ضد منزلقات الاستهواء والاستغلال، سواء خوطب بشعارات اليمين واليسار أو بشعارات التراث والحداثة. وإذا لم يحصّن هذا الوعي بتأسيس معرفي للذات وللواقع الراهن، والعمل على تجاوز سلبيات هذا الواقع فإنه لن يستحق صفة الوعي على الإطلاق. وهنا نشير الى وجوب اجتراح صحوة الوعي العربي وتنميته وتحصينه لمواجهة التحدّيات والأخطار، خاصة وان القوى المناهضة للعرب لا تنظر بعين الارتياح الى العمل التكاملي بين العرب نظراً لأهمية المنطقة العربية وتخوّفها من أن تتحوّل الى قوى كبرى مناهضة لما يتوافر فيها من ظهير حضاري وطاقات بشرية واقتصادية، وخاصة مخزونها النفطي العظيم، وموقع جغرافي استراتيجي فريد مما يكوّن سبباً قوياً لقلب التوازن الراهن. لذلك نرى سياسات القوى المغايرة وخاصة سياسة القوة الأحادية اليوم (أميركا) ترفض التعامل مع البلاد العربية كمجموعة، الأمر الذي يعكس رفض العروبة كعامل مع البلاد العربية كمجموعة، الأمر الذي يعكس رفض العروبة كعامل سوسيولوجي، والعمل على فك الارتباط بين القضايا العربية المختلفة والتعامل مع كل قضية على حدة مما يساعدها على اتباع سياسة هجومية تقوم على احتواء الطرف العربي. وهنا يتبيّن لنا ان المصالح الأميركية والغربية ليست نفطاً ولا مالاً وممرات مائية ومواقع استراتيجية فقط بل ترتكز أولاً على العروبة التي هي هدفها الأساس التي تشكّل، من وجهة نظرها، العائق الأكبر في وجه مصالحها ومخططاتها في الاستحواذ على المنطقة العربية ذات المجال الحيوي في العالم. وهنا تأتي ضرورة إيجاد استراتيجية متكاملة عربية موحّدة لبناء الوعي القومي الجماعي والتصدّي للأخطار المحدّقة بالعرب، قادرة على مقاومة الاستراتيجية المناهضة التي تعمل على تفتيت الوطن العربي وتمزيق الشعوب العربية الى طوائف متصارعة وأنظمة متنازعة ومتقاتلة بغية تحقيق أهدافها في المنطقة. وان أبرز ما وصلت إليه هو تعثّر تحقيق التكامل القومي العربي في جميع المجالات، سياسية كانت أم اقتصادية أم ثقافية الذي يؤدّي بالتالي الى قيام التكتل العربي الواحد.