بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 كانون الثاني 2018 12:02ص الجامعة العربية تتحضّر لإصدار موسوعة التراث العربي

تعزيزاً لصورة أجدادنا المبدعين في الريادة تاريخياً...

حجم الخط
حركة مباركة من جامعة الدول العربية في مجال الثقافة والتراث، فقد إلتأمت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية للمرة السابعة عبر اللجنة الدولية للمحافظة على التراث الإنساني العربي بمشاركة أركان فاعلة من المؤسسات والمرجعيات العربية والدولية: البرلمان العربي - اليونيسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم)، الإيسيسكو (المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم) الألكسو (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم)، وإتحاد الآثاريين العرب الذي تمّ الطلب منه تحضير كشف شامل يلحظ معلومات عن الخصوصيات التراثية بكل قطر عربي على حدة كمقدمة لاطلاق موسوعة التراث العربي بالتعاون مع المنظمات الثلاث، إضافة إلى مباشرة تنظيم دورات عن هذا التراث لتوسيع المعرفة في هذا المجال.
اللقاء ركز أولاً على تراث مدينة القدس الذي سيكون في صدارة الاهتمام يوم 27 شباط/فبراير المقبل الذي تحتفل فيه الجامعة بـ «اليوم العربي للتراث» حيث ينظم معرض ضخم عن جوانب هذا التراث، على أن تلتقي اللجنة الدولية في مطلع نيسان/أبريل المقبل لاستعراض ما تمّ إنجازه من تحضيرات لتحديد موعد إطلاق الموسوعة العربية المنتظرة التي ستكون نواة لكشف كامل معالم التراث العربي وبالتالي العمل على رعايته والتعريف به، وتقديمه إلى العالم، لإفهام المشككين في عمق علاقتنا التاريخية بالثقافة والعلوم، أن العرب لطالما كانوا رواداً في مختلف مجالات المعرفة.
ونتساءل هنا عن معنى هذه الصورة، وقد احتفلت الأمم المتحدة قبل سنوات قليلة بالعالم «إبن الهيثم» مبتكر «القُمرة»، التي باتت لاحقاً ما يعرف بالكاميرا، وهذا إعتراف عالمي يستحق منا التركيز على معناه، والبناء على مادته للقول: إننا معنيون بكل بدايات الحضارات القديمة ومن يتبحر في التاريخ سيعثر على ما يدهشه من إنجازات حققها رواد أوائل يعترف بهم للعالم ولا نعرف الكثير عنهم نحن أبناء جلدتهم، وهو ما يُبرّر نشاط الأمم المتحدة في هذا المجال مما إستنفر جامعة الدول العربية لمواكبة هذا الإهتمام ووضعه في إطاره العربي المتميز.
ويبدو موضوع الموسوعة التراثية العربية واحداً من أهم المشروعات التي تعيد تصويب الصورة العربية الصحيحة، وتضعنا على خط العالمية في رصد ما كان لاجدادنا الأوائل ومن جاء بعدهم في حقب مختلفة من أفضال على حضارات الشعوب الأخرى، بحيث لا ننشغل دائماً بالكلام الهامشي عن ماضينا من دون تقديم الوثائق، فقط لتذكير العالم المحكوم غالباً بلوبي صهيوني يحاول التعمية على مقدرات أمتنا الحيّة في التاريخ، لكن الميتة في حاضرها، وهو ما يدعو للأسف والحزن، فكيف يكون ماضينا على قدر كبير من الرقي والابداع والمبادرة، بينما نرى التراجع والانهزامية والتقصير والجهل من معالم أيامنا الحاضرة.
الجيد في تحرك الأمانة العامة للجامعة أنها تحسست هذه المفارقة وتحاول جاهدة إعادة التوازن إلى صورتنا الحقيقية بحيث نستعيد حقنا المهدور أو المهمل في أخذ حيّز كبير من مساحة التاريخ، وهو ما يستدعي الاهتمام بإنجاز الموسوعة الموعودة حتى تكون الاثباتات التاريخية مرصودة بالكامل ولا نقص فيها، بحيث يدخل على الخط، من يتربصون بأمتنا شراً، وهم كثر في هذا العالم.
شعرنا ببعض الطمأنينة ونحن نواكب حراك الجامعة الميداني، وبمشاركة منظمات فاعلة ثقافياً، بحيث نرى ترجمة موضوعية وميدانية لما نقرأه في مؤلفات عدد من جهابذة الأدب والعلم في تاريخنا حيث تؤكد لنا المراجع المختلفة ما نذهب إليه في محاضراتنا ومؤلفاتنا الحديثة من أنه كان لنا مكان، ومكانة في تاريخ هذا العالم الأول، أبداً لم نكن كسالي ولا متأخرين عن ركب الآخرين، بل كنا رواداً، لكننا ما عرفنا كيف نوثق هذه الأهمية لدى المرجعيات المحترمة الدولية.
نحن بإنتظار الموسوعة، على أن تتسع لأكبر عدد من إنجازات كبارنا حتى لا نظلمهم ولا ننير حاضرنا بما إبتدعوه وقدموه.