نتلمس العلم في الكون وفي الكتب. العلم في العقل يستحيل معرفة. تفعيل المعرفة يشير الى ثقافة ما. العبقرية تتجاوز الثقافة العادية لتبلغ بصاحبها شاهقات النبوغ والإبداع.
للحماسة وقع أكبر من المعرفة. المعرفة قوة ولكن الحماسة هي التي تطلقها في صميمنا. بالحماسة نحصل على المعرفة، وبسبب من قلّة الحماسة نكاد نخسر المعرفة. وإنني لأوثر مغالط الحماسة على لامبالاة الحكمة.
الجهل نقيض المعرفة. الجاهل لا يعرف. إذا جهل انه يجهل عاش في عالمه الضيق، وإن هو لم يجهل، يكون متعلّما وقد يدّعي الثقافة. قد يتقن تجاهل العارف معرفة ما كبعض «كبارنا» الصغار فيقع في الخبث والرياء. أما التجهيل فله أربابه من رجال نفوذ ومارقين من الدين وتجار ومستشارين مغرضين...
حاجتنا الماسّة هي الى نظام يفرضه رجال أمن في حزم وحسم وبلا تمييز أو تفرقة. نحتاج أيضا الى ثورة روحية - ثقافية - تربوية. ذلك ان الزهور التي نتعهدها بعنايتنا تعيش وتزدهر وإلّا فلا!
غادرت مرة جديدة الوطن الى حين، وقلبي تنتابه اللواعج على مألوف العادة. دعوت طلابي الجامعيين وأبناء حارة المرجان في جبيل الى المطالعة الهادفة تعزيزا لثقافتهم. أضرمت نار حماستهم شطر زيارة المريض ونصرة القريب واحترام الأهلين واعتبار الفلاحين ومحبة الفقير. دعوتهم الى إتمام واجباتهم كلها وتهيئة آخرتهم التي رجوتها متأخرة. فالحماسة، كما أسلفت، تتقدم على المعرفة وقد أطلق أهل الغرب عليها تسمية مشتقة من عبارة «إلى الله» اليونانية. ليست الحماسة وقفا على دين أو طائفة، خصوصا اننا كلنا اليوم مسلوبو دينامية تبيّنت تدافع خلايا غير حميدة. يكاد الجهل والبؤس ينهكان حماستنا البشرية التي ليست سوى مدى بارئ الأكوان على الأرض. ميثاقنا معه يبدأ بميثاقنا مع الطبيعة ومع كل نفس حيّة وكل حقيقة.
أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه