بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 شباط 2023 12:00ص الدراما الروائية «أنا أمامك».. هل نجحت جوجو مويس في نقل روايتها إلى سيناريو درامي مشحون؟

جوجو مويس جوجو مويس
حجم الخط
صدمة قد يبدأ بعدها كل شيء في الحياة، ويكون الأسف هو تغيير السلوك الذي نحب لنكمل المشوار بتوافق ورضى وقناعة واقعية لا يشوبها الخيال الجميل الذي نجنح إليه عندما نعجز عن العيش كما ينبغي، فالتوافق في الحياة هو أساس نبني عليه قرار البقاء أو الرحيل، وان غمر الحب الروح، إلا ان الجسد هو مادة الحياة على الأرض، كما التوافق في العمل أو الأمومة أو العائلة بشكلها العام وهو جزء من أساسيات الحياة، ان لم نقل جمال التوافق والانسجام في كل شيء. هذا ما يحاول الكاتب إيصاله في فيلم الدراما الرومانسية «أنا قبلك» أو بالأحرى الدراما الروائية «أنا أمامك» للكاتبة «جوجو مويس» (Jojo Moyes) التي تطرح موضوع الموت الرحيم، والواقع الذي يجب أن نتقبّله عند الوقوع في أزمة ما! لان الحب له احتياجاته التي ترعاه وتضعه في إطار البقاء الصحيح وان برزت القدرة القوية على التحمّل من «لو كلارك» الغريبة في ألوان ثيابها وأسلوبها الكوميدي في مواجهة الصعاب، فالفتاة البسيطة بمؤهلاتها تم الموافقة عليها لترعى الشاب المصاب بشلل رباعي، والذي قرر وضع نهاية لحياته لأنه غير قادر على العيش بدون حركة كافية تجعله يستعيد صحته بالكامل، فهل نجحت «جوجو مويس» في نقل روايتها الى سيناريو درامي رومانسي مشحون بقدرة تمثيلية زادت من رصيد نجاح الفيلم؟ لان القصة الرومانسية كلاسيكية في معظمها وان حملت بعض التحديث التقني من حبكة وسرد المشاهد الأشبه بالخيال الرومانسي المنسجم بشكل كبير تمثيليا مع الثنائي «ايميليا كلارك» Emilia Clarke و«سام كلافلاين» «Sam Claflin» بإضافة انطباعات خاصة لشخصيات الفيلم أو نكهة مميزة للقصة برمّتها.
«تعلمين لا يمكنك أن تساعدي أحداً إذا كنت تحتاجين المساعدة في الواقع» جملة تدفع «لو كلارك» بحوافز نفسية عميقة تشحن همّتها لمنح الشاب كل العناصر التي تهيّئ له الرضى بالحياة وقبول واقعه، فتقع في غرامه وهو الذي فَقدَ حب حياته بعد الحادث الذي أصابه بشلل رباعي، لتتزوج حبيبته من صديقه في العمل، وهذه خسارة كبرى بل لا يمكن تعويضها حتى في وجود «لويزا كلارك» في حياته، لانها فتاة جميلة وتحتاج لرعاية في الحب الذي لا تدرك مدى أهميته لانها متأثرة عاطفيا بوضعه، وهذا يبعد عنها القرار الواعي الذي اتخذه هو برفض البقاء معها في هذا الحب المشلول أيضا لانه غير مكتمل، فهل هذا يبرر قضية الموت الرحيم أو الهروب من الحياة التي فرضت عليه شكلا من أشكال العبء على الآخرين؟
اعتمد ت المخرجة «تيا شاروك» (Thea Sharrock) على جمالية المشهد أو سرديته ان شاء التعبير مع الحفاظ على الأبعاد التصويرية والأزياء، والأمكنة لتشكّل المؤثرات الإخراجية نوعا من سيناريو بصري، هادئ برومانسيته، ان بالمطر والمشاهد المرافقة له أو الثلوج، وما يتبعها من عوارض المرض المساعدة في تقارب كل من البطلين الذين احتفظا بتعابير تمثيلية في الوجه، وتفاصيل أخرى كان لها الأثر الأكبر في جذب حواس المشاهد نحوهما، لتشكّل الموسيقى بعدها المفردة الحقيقية التي ساعدت في ترجمة الأحاسيس، ووضع المشهد الموسيقي في معادلة سمعية بصرية لها أكبر الأثر في مسك المشهد المفتوح على عدة سجالات درامية، كان من الممكن أن تصاب بترهلات إخراجية دون موسيقى تصويرية نجح «كريغ ارمسترونغ» (Craig Armstrong) في تكوين مفردتها الدرامية حسيا، لتغذّي الخيال وتبعث على قوة الواقع والرضى به.
بعض الصعوبات لا يمكن تذليلها حتى بالبساطة والمرح، لانها ترافق تفاصيل حياتنا التي تغيّرت وباتت تشكّل خطورة وقلقا مستمرا على الآخرين، إضافة الى العجز مدى الحياة، فهل يدوم الحب في حالة عجز الجسد عن تغذية الوجود بمقومات البقاء؟ وهل يمكن للإنسان أن يتخذ القرار برحيله عبر اختياره الموت الرحيم؟