بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 آب 2020 12:00ص الدهر يومان يا سادة!

حجم الخط
في هذه المعمعة الغريبة العجيبة، يقضي في كل يوم عشرات ومئات في ساحات الوغی وميادين «الجهاد»، راضين مبتسمين، عالمين حق العلم، والله أعلم!، انهم يقدّمون أجسادهم، ويبذلون نفوسهم، على مذبح الواجب والشرف ولو من منظارهم الشخصي أو الجماعي. بيد أن هناك رجالا يموتون ميتة مؤلمة، وأطفالا يئنون ويتوجعون بين براثن الفاقة، ونساء تغمد في صدورهن حراب البؤس والأحزان الى أن تودي بهنّ. وهكذا تستسلم هذه الفئة البريئة، إلى أحكام الحمام، كما في الماضي البعيد أو القريب، وتنطرح جثثا باردة، تحت أقدام الأنانيين والمحتكرين وأرباب الجشع والطمع.

* * *

أيها الأناني الظالم، صاحب النفوذ، أراك تسير إلى المجتمعات، وإلى أماكن العبادة والصلاة متظاهرا بالتقوى وحب الخير والإحسان، في حين ينهش الاستئثار قلبك، ويتلهّى بما بقي من ضميرك.

أيها المحتكر الذي تلاشت من فؤاده عواطف الرحمة والاشفاق، والذي أعمت الأنانية عينيه، عن النظر الى أخوانه البائسين وسدّت أذنيه، عن سماع صراخ الجائعين المتقلبين على جمر الطوى والحرمان، ترفعاً منهم عن ذل السؤال، أما كفاك ما جمعته بعرق العامل، ودم الفقير؟ أما أرهقت كاهليك أعباء أموال غنمتها بالغش والخداع وتعذيب الأرامل والأيتام، حتى تدأب في الأمعان في جمع المال، من غير طرقه المشروعة؟

سمعتك مراراً تستنزل اللعنات، على غنيّ ملأ خزانته باللجين والنضار، وأغلق بابها دون ابنه الوحيد، فمات الابن يأساً. ولقد حكمت على ذلك الوالد بالقسوة والفظاظة، وتمنيت لو ساعدتك الأيام، على الانتقام منه، فما بالك أيها المحتكر تتناسى نفسك، وتتجاهل انك أصبحت اليوم كذاك الأب القاسي، ولكنك بدلا من أن تُمسك المال عن ولد واحد، رحت تنتشله من أبناء جنسك، بفضل ما تجيده من وسائل تترفع عنها أدنى الحشرات، فكنت، على الرغم مما تتظاهر به من محاسن الخصال، جلاداً قاسياً، يرفع سياط الارهاق، على النساء والمعوزين والشرفاء العقلاء على العموم، فيتمنون أخشاب النعوش، ويحنّون الى مضاجع الفناء.


أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه

أخبار ذات صلة