بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 آب 2022 12:00ص الدولة وبطلانها

حجم الخط
الدولة ضرورة، ولهذا طلبتها المجتمعات القديمة، والأكثر قدما، كما الحديثة، والأكثر حداثة. فما أغنى المجتمع عن الدولة، بحسب كل من نظروا ونظّروا، لتاريخ نشوء المجتمعات وتمدّدها.
فالدولة وحدها، تقدم للمجتمع الشؤون الرعائية التي لا غنى له عنها. وهي وحدها السياج الآمن الذي اعتاد أن يتحوط به، قبل ظهور الدولة في المجتمع القبلي. هي العدالة الإجتماعية، فوق سقف المجتمعات كلها. وهي أيضا، التطور المنظور لنهوض المجتمعات، وسيرها في ركب الإنسانية.
عمود الدولة، هو رئيسها. وأما مجالسها، فهي عمائرها التي اختارتها المجتمعات لنفسها. وأما القوانين، فهي الأسس الصلبة كالصخر، التي تحمل الناس، مثلما تحمل سكك الحديد القاطرات، ومثلما يحتمل الناس بعضهم في الطرقات.
أجهزة الدولة العسكرية منها، والمدنية، هي التي تجعل المجتمعات، آمنة في عيشها. وهي التي تسوّي بين الناس، في الشدّة وفي الرخاء. وهي التي تقرن بين المؤاخاة والتطلّعات بعين واحدة، سوى ذلك لا يُعد من الدولة، ولا يُعد عليها.
تبطل الدولة، ببطلان رئيسها. يسقط عمود الدولة، لأي سبب كان، فتنهار الدولة كلها. وتبطل الدولة، ببطلان مجالسها. فإذا ما فسدت هذه المجالس، فسدت الدولة.
وتبطل الدولة، ببطلان قوانيننها. فإذا ما فسدت هذه القوانين، لأي سبب كان، فسدت الدولة، وإنهارت على رؤوس المجتمعات كافة.
وتبطل الدولة، ببطلان أجهزتها، المدنية وغير المدنية. فإذا ما إنهارت هذه الأجهزة، وجدنا الدولة تتساقط، مثل جدران القلاع، التي تتعرّض للزلازل والهزّات والحروب وأعمال التخريب.
حتى الآن، الدولة قائمة صوريا، وإبطالها ينتظر قرارا، نصفه داخلي، ونصفه خارجي. ويشعر الناس اليوم، وأنا منهم، إن القرار بإبطال الدولة اتخذ. ونحن لا ننتظر، إلا مرور عجلات الوقت، حتى نرى، كيف تصير الدولة في الأرض.
مائة عام، كانت كافية، لإعدام الدولة. فقد سجنت في أثوابها الطائفية، التي ليست من الدولة في شيء، لمائة عام، حتى حان وقت الإعدام.

أستاذ في الجامعة اللبنانية