غالباً ما يحصل الخلط عند الكثيرين في تعريف المصطلحات كأن يدمج المعنى ما بين الدولة والكيان، إذ ان الدولة شيء والكيان شيء آخر.
فالدولة تقوم على أسس ثابتة تضمن لها الاستمرار والديمومة، ولم يسجل في التاريخ ان محيت دول بكل معنى الكلمة إلّا نادراً وعلى صعيد الامبراطوريات، بينما الكيانات تقوم وتزول، إما بسبب الأساسات الواهية أو الصراعات المحتدمة التي تهزُّ أركانها.
وقد يكون القانون هو الفيصل ما بين الاثنين، بالإضافة إلى عوامل أخرى بالتأكيد، ولكن حديثنا محصوراً بالقانون المتفق في التاريخ البشري انه العامل الأكثر توثيقاً للعرى في حال سلامة وحسن تطبيقه دون استثناءات أو تمييز. وخير تجسيد للقانون نجده في القضاء الذي يؤمّن العدالة والسوق سواسية أمام قوسه.
في تاريخنا الوطني ظهر من حاول بناء دولة من خلال بناء مؤسسات المحاسبة وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب وهو المبدأ الذي يحفظ الحق ويؤمّن اللحمة الموطنية.
وحاول الرئيس اللواء فؤاد عبدالله حسن شهاب بناء دولة من خلال إيجاد هذه المؤسسات.
فأين هي اليوم؟!..
لن ندخل في تسمياتها لأنها معروفة..
وأين القانون اليوم؟..
وقفت الرياح المعاكسة أمام هذه المؤسسات وأمام القانون، رياح مصدرها العشائرية والشللية ومراكز القوى وحتى الطائفية ومتفرعاتها.
بني الكيان محصصاً فكانت النتيجة ان سقط القانون ولم يعد هو المرجعية الوحيدة بعد تعدد المرجعيات.
ولأن بناء الدول هو عملية تراكمية تثبت ما قبلها لم يأتِ على السلطة من هو مؤهّل وحتى عارف بكيفية البناء، فلم تبقَ الحالة على ما كانت قبله بل ازدادت تدهوراً وتفسّخاً حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه.
المطلوب رجال دولة وليس رجال كيانات..
ولكن من أين نحضرهم؟ فهم ليسوا عنصر استيراد بل هم إنتاج وطني نحن بانتظارهم.
على أن لا نكون بانتظار (غودو!!!).